لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠) وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٥١)
والخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ.). للرسول صلىاللهعليهوسلم والمراد بجانب الغربي : الجانب الغربي لجبل الطور الذي وقع فيه الميقات ، وفيه تلقى موسى التوراة من ربه ـ تعالى ـ.
أى : وما كنت ـ أيها الرسول الكريم ـ حاضرا في هذا المكان ، (إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) أى ، وقت أن كلفناه بحمل رسالتنا ، وأنزلنا إليه التوراة ، لتكون هداية ونورا له ولقومه.
(وَما كُنْتَ) أيضا ـ أيها الرسول الكريم ـ (مِنَ الشَّاهِدِينَ) لذلك ، حتى تعرف حقيقة ما كلفنا به أخاك موسى ، فتبلغه للناس عن طريق المشاهدة.
فالمقصود بالآية بيان أن ما بلغه الرسول صلىاللهعليهوسلم للناس عن أخبار الأولين ، إنما بلغه عن طريق الوحى الذي أوحاه الله ـ تعالى ـ إليه ، وليس عن طريق آخر.
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : يقول ـ تعالى ـ منبها على برهان نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم حيث أخبر بالغيوب الماضية خبرا كأن سامعه شاهد وراء لما تقدم ، وهو رجل أمى لا يقرأ شيئا من الكتب ، نشأ بين قوم لا يعرفون شيئا من ذلك ، كما أنه لما أخبره عن مريم وما كان من أمرها ، قال ـ تعالى ـ : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (١).
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ٤٤.