ثم ختم هذه القصص ببيان مظاهر قدرته في خلق عيسى من غير أب ، فقال ـ تعالى ـ : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ، وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) ..
٦ ـ ثم وجه ـ سبحانه ـ بعد ذلك نداء عاما إلى الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ أمرهم فيه بالمواظبة على أكل الحلال الطيب ، وعلى المداومة على العمل الصالح ، وبين ـ سبحانه ـ أن شريعة الأنبياء جميعا هي شريعة واحدة في أصولها وعقائدها ، فقال ـ تعالى ـ : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ).
ثم تحدثت السورة الكريمة حديثا طويلا عن موقف المشركين من الدعوة الإسلامية ، وبينت مصيرهم يوم القيامة ، وردت على شبهاتهم ودعاواهم الفاسدة ، ودافعت عن الرسول صلىاللهعليهوسلم وعن دعوته ، وختمت هذا الدفاع بما يسلى النبي صلىاللهعليهوسلم ويثبت فؤاده.
قال ـ تعالى ـ : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ).
ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا من الأدلة على وحدانية الله وقدرته ، منها ما يتعلق بخلق سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم ، ومنها ما يتعلق بنشأتهم من الأرض ، ومنها ما يتعلق بإشهادهم على أنفسهم بأن خالق هذا الكون هو الله ـ تعالى ـ.
واستمع إلى قوله ـ تعالى ـ : (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ، قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ. قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ. قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ).
٩ ـ وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر قدرة الله ـ تعالى ـ ، أمر ـ سبحانه ـ نبيه أن يلتجئ إليه من شرورهم ومن شرور الشياطين ، وأمره أن يقابل سيئات هؤلاء المشركين بالتي هي أحسن ، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.
قال ـ تعالى ـ : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ* رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ* وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ* ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ، نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ* وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ).
١٠ ـ ثم صورت السورة الكريمة في أواخرها أحوال المشركين عند ما يدركهم الموت ، وكيف أنهم يتمنون العودة إلى الدنيا ولكن هذا التمني لا يفيدهم شيئا ، وكيف يوبخهم ـ سبحانه ـ على سخريتهم من المؤمنين في الدنيا.