والاستفهام للإنكار. أى : أجعل محمد صلىاللهعليهوسلم الآلهة المتعددة ، إلها واحدا. وطلب منا أن ندين له بالعبادة والطاعة؟.
(إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) أى : إن هذا الذي طلبه منا ، ودعانا إليه ، لشيء قد بلغ النهاية في العجب والغرابة ومجاوزة ما يقبله العقل.
و (عُجابٌ) أبلغ من عجيب. لأنك تقول في الرجل الذي فيه طول : هذا رجل طويل ، بينما تقول في الرجل الذي تجاوز الحد المعقول في الطول : هذا رجل طوال.
فلفظ (عُجابٌ) صيغة مبالغة سماعية ، وقد حكاها ـ سبحانه ـ عنهم للإشعار بأنهم كانوا يرون ـ لجهلهم وعنادهم ـ أن ما جاءهم به الرسول ـ ؛ ـ هو شيء قد تجاوز الحد في العجب والغرابة.
واسم الإشارة يعود إلى جعله صلىاللهعليهوسلم الآلهة إلها واحدا ، لأنهم يرون ـ لانطماس بصائرهم ـ أن ذلك مخالف مخالفة تامة لما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من عبادة للأصنام.
وما كان مخالفا لما ورثوه عن آبائهم فهو ـ في زعمهم ـ متجاوز الحد في العجب.
ثم صور ـ سبحانه ـ حرصهم على صرف الناس عن دعوة الحق. تصويرا بديعا ، فقال : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ).
أى : وانطلق الأشراف من قريش عن مجلس أبى طالب ، بعد أن سمعوا من الرسول صلىاللهعليهوسلم ما أغضبهم وخيب آمالهم.
انطلقوا يقولون : أن امشوا في طريقكم التي كان عليها آباؤكم واصبروا على عبادة آلهتكم مهما هوّن محمد صلىاللهعليهوسلم من شأنها ، ومهما نهى عن عبادتها.
(إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) أى : إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلىاللهعليهوسلم من عبادة الله ـ تعالى ـ وحده وترك عبادة آلهتنا لشيء يراد من جهته هو ، وهو مصمم عليه كل التصميم ، ونحن من جانبنا يجب أن نقابل تصميمه على دعوته ، بتصميم منا على عبادة آلهتنا.
وعلى هذا المعنى تكون الإشارة هنا عائدة إلى ما يدعوهم إليه النبي صلىاللهعليهوسلم من عبادة الله وحده.
ويصح أن تكون الإشارة إلى دينهم هم ، فيكون المعنى : إن هذا الدين الذي نحن عليه لشيء يراد لنا ، وقد وجدنا عليه آباءنا ، ومادام الأمر كذلك فلن نتركه مهما كرّهنا فيه محمد صلىاللهعليهوسلم.
قال الآلوسى : قوله : (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) تعليل للأمر بالصبر ، والإشارة إلى