فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (١٥) وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) (١٦)
فقوله ـ تعالى ـ : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ...) استئناف مقرر لوعيد قريش بالهزيمة. ولوعد المؤمنين بالنصر. وتأنيث قوم باعتبار المعنى ، وهو أنهم أمة وطائفة.
أى : ليس قومك ـ يا محمد ـ هم أول المكذبين لرسلهم ، فقد سبقهم إلى هذا التكذيب قوم نوح ، فكانت عاقبتهم الإغراق بالطوفان.
وسبقهم ـ أيضا ـ إلى هذا التكذيب قوم عاد ، فقد كذبوا نبيهم هودا ، فكانت عاقبتهم الإهلاك بالريح العقيم. التي ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم.
وقوله : (وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) معطوف على ما قبله أى : وكذب ـ أيضا ـ فرعون رسولنا موسى ـ عليهالسلام ـ.
وقوله : (ذُو الْأَوْتادِ) صفة لفرعون. والأوتاد : جمع وتد ، وهو ما يدق في الأرض لتثبيت الشيء وتقويته.
والمراد بها هنا : المبانى الضخمة العظيمة ، أو الجنود الذين يثبتون ملكه كما تثبت الأوتاد البيت ، أو الملك الثابت ثبوت الأوتاد.
قال الآلوسى ما ملخصه : والأصل إطلاق ذي الأوتاد على البيت المشدود والمثبت بها ، فشبه هنا فرعون في ثبات ملكه .. ببيت ثابت ذي عماد وأوتاد ..
أو المراد بالأوتاد الجنود : لأنهم يقوون ملكه كما يقوى الوتد الشيء. أو المراد بها المبانى العظيمة الثابتة.
ويصح أن تكون الأوتاد على حقيقتها فقد قيل إنه كان يربط من يريد قتله بين أوتاد متعددة ، ويتركه مشدودا فيها حتى يموت .. (١).
أى : وفرعون صاحب المبانى العظيمة ، والجنود الأقوياء ، والملك الوطيد ... كذب رسولنا موسى ـ عليهالسلام ـ ، فكانت عاقبة هذا التكذيب أن أغرقناه ومن معه جميعا من جنوده الكافرين.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٣ ص ١٧٠.