رياء أو تفاخر ، أو غير ذلك مما يتنافى مع إخلاص الخضوع لله ـ تعالى ـ وحده.
قال الشوكانى : وفي الآية دليل على وجوب النية ، وإخلاصها من الشوائب لأن الإخلاص من الأمور القلبية التي لا تكون إلا بأعمال القلب ، وقد جاءت السنة الصحيحة أن ملاك الأمر في الأقوال والأفعال النية ، كما في حديث : «إنما الأعمال بالنيات» وحديث : «لا قول ولا عمل إلا بنية» (١).
وجملة (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) مؤكدة ومقررة لمضمون ما قبلها من وجوب إفراد العبادة والطاعة لله ـ تعالى ـ : وزادها تأكيدا وتقريرا لما قبلها تصديرها بأداة الاستفتاح (أَلا) واشتمالها على أسلوب القصر.
أى : ألا إن لله ـ تعالى ـ وحده ـ وليس لأحد سواه ـ الدين الخالص من شوائب الشرك والرياء. والعبادة لوجهه وحده ، والخضوع لقدرته التي لا يعجزها شيء.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما عليه المشركون من ضلال فقال : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ، إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ...)
فالمراد بالموصول المشركون ، ومحله الرفع على الابتداء ، وخبره قوله ـ تعالى ـ بعد ذلك : (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) وجملة (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) في محل نصب على الحال بتقدير القول ، والاستثناء مفرغ من أعم العلل. والزلفى : اسم أقيم مقام المصدر الذي يتلاقى معه في المعنى ، والمأخوذ من قوله (لِيُقَرِّبُونا).
أى : لله ـ تعالى ـ وحده الدين الخالص ، والمشركون الذين اتخذوا معبودات باطلة ليعبدوها من دون الله ، كانوا يقولون في الرد على من ينهاهم عن ذلك : إننا ما نعبد هذه المعبودات إلا من أجل أن نتوسل بها ، لكي تقربنا إلى الله قربى ، ولتكون شفيعة لنا عنده حتى يرفع عنا البلاء والمحن.
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أى : بين هؤلاء المشركين وبين غيرهم من المؤمنين الذين أخلصوا لله ـ تعالى ـ العبادة والطاعة (فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) من أمر التوحيد والشرك ، بأن يجازى المؤمنين بحسن الثواب ، ويجازى الكافرين بسوء العقاب.
(إِنَّ اللهَ) ـ تعالى ـ (لا يَهْدِي) أى : لا يوفق للاهتداء للحق (مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ).
__________________
(١) تفسير فتح القدير ج ٤ ص ٤٤٨.