لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) (٢٠)
الطاغوت : يطلق على كل معبود سوى الله ـ تعالى ـ كالشيطان والأصنام وما يشبههما ، مأخوذ من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد في كل شيء. ويستعمل في الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
والاسم الموصول مبتدأ. وجملة «أن يعبدوها» بدل اشتمال من الطاغوت ، وجملة «لهم البشرى» هي الخبر.
والمعنى : والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت ، وكرهوا عبادة غير الله ـ تعالى ـ أيا كان هذا المعبود ، وأقبلوا على الخضوع والخشوع له وحده ـ عزوجل ـ.
أولئك الذين يفعلون ذلك «لهم البشرى» العظيمة في حياتهم ، وعند مماتهم ، وحين يقفون بين يدي الله ـ تعالى ـ : (فَبَشِّرْ عِبادِ) أى : فبشر ـ أيها الرسول الكريم ـ عبادي الذين هذه مناقبهم ، وتلك صفاتهم ....
ثم وصفهم ـ سبحانه ـ بما يدل على صفاء عقولهم ، وطهارة قلوبهم ، فقال : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ...).
وللعلماء في تفسير هذه الجملة الكريمة أقوال منها : أن المراد بالقول الذي يتبعون أحسنه. ما يشمل تعاليم الإسلام كلها النابعة من الكتاب والسنة.
والمراد بالأحسن الواجب والأفضل ، مع جواز الأخذ بالمندوب والحسن.
فهم يتركون العقاب مع أنه جائز ، ويأخذون بالعفو لأنه الأفضل ، كما قال ـ تعالى ـ (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ...).
وكما قال ـ سبحانه ـ : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ).
فيكون المعنى : الذين يستمعون الأقوال الحسنة والأشد حسنا فيأخذون بما هو أشد حسنا ....
ومنها أن المراد بالقول هنا ما يشمل الأقوال كلها سواء أكانت طيبة أم غير طيبة. فهم يستمعون من الناس إلى أقوال متباينة ، فيتبعون الطيب منها ، وينبذون غيره.