اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧)) (٢)
والفاء في قوله ـ تعالى ـ : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ ...) لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، والاستفهام للإنكار والنفي.
أى مادام الأمر كما ذكرنا لك ـ أيها الرسول الكريم ـ من أنك ستموت وهم سيموتون ، وأنكم جميعا ستقفون أمام ربكم للحساب والجزاء .. فلا أحد أشد ظلما من هؤلاء المشركين الذين كذبوا على الله ، بأن عبدوا من دونه آلهة أخرى ، ونسبوا إليه الشريك أو الولد ، ولم يكتفوا بكل ذلك ، بل كذبوا بالأمر الصدق وقت أن جئتهم به من عند ربك.
والتعبير بقوله : (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) يدل على أنهم بادروا بتكذيب ما جاءهم به الرسول صلىاللهعليهوسلم من عند ربه ، بمجرد أن سمعوه ، ودون أن يتدبروه أو يفكروا فيه.
وتكذيبهم بالصدق ، يشمل تكذيبهم للقرآن الكريم ، ولكل ما جاءهم به الرسول صلىاللهعليهوسلم والاستفهام في قوله ـ تعالى ـ (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) للتقرير.
والمثوى : المكان مأخوذ من قولهم ثوى فلان بمكان كذا ، إذا أقام به. يقال : ثوى يثوى ثواء ، كمضى يمضى مضاء ...
أى : أليس في جهنم مكانا يكفى لإهانة الكافرين وإذلالهم وتعذيبهم؟ بل إن فيها لمكانا يذلهم ويذوقون فيه سوء العذاب.
ثم بين ـ سبحانه ـ حسن عاقبة أهل الصدق والإيمان فقال : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
والمراد بالذي جاء بالصدق : رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمراد بالذي صدق به : ما يشمل الرسول صلىاللهعليهوسلم ويشمل كل من آمن به واتبعه فيما جاء به ، كأبى بكر الصديق وغيره من الصحابة.
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) الموصول عبارة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما أخرجه ابن جرير وغيره عن ابن عباس ... والمؤمنون داخلون بدلالة السياق وحكم التبعية ، دخول الجند في قولك : نزل الأمير موضع كذا ...