قلت : معناه. أوحى إليك لئن أشركت ليحبطن عملك ، وإلى الذين من قبلك مثله ، أو أوحى إليك وإلى كل واحد منهم : لئن أشركت ليحبطن عملك. كما تقول : فلان كسانا حلة. أى : كل واحد منا.
فإن قلت : هو على سبيل الفرض. والمحالات يصح فرضها .. (١).
والآية الكريمة تحذر من الشرك بأسلوب فيه ما فيه من التنفير منه ومن التقبيح له ، لأنه إذا كان الرسول صلىاللهعليهوسلم لو وقع في شيء منه ـ على سبيل الفرض ـ حبط عمله ، وكان من الخاسرين. فكيف بغيره من أفراد أمته؟
وقوله ـ تعالى ـ : (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أمر منه ـ تعالى ـ بالثبات على عبادة الله ـ تعالى ـ وحده ، وبالمداومة على شكره ، ونهى عن طاعة المشركين ، ولفظ الجلالة منصوب بقوله (فَاعْبُدْ) والفاء جزائية في جواب شرط مقدر.
أى : لا تطع ـ أيها الرسول الكريم ـ المشركين فيما طلبوه منك ، بل اجعل عبادتك لله ـ تعالى ـ وحده ، وكن من الشاكرين له على نعمه التي لا تحصى.
ثم بين ـ سبحانه ـ أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغير الله ـ تعالى ـ قد تجاوزوا حدودهم معه ـ عزوجل ـ ، ولم يعطوه ما يستحقه من تنزيه وتقديس فقال : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
أى : أن هؤلاء المشركين بعبادتهم لغيره ـ تعالى ـ ، ما عظموه حق تعظيمه ، وما أعطوه ما يستحقه ـ سبحانه ـ من تقديس وتكريم وتنزيه وطاعة.
ثم ساق ـ سبحانه ـ ما يدل على وحدانيته. وكمال قدرته. فقال : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).
والقبضة : المرة من القبض ، وتطلق على المقدار المقبوض بالكف. ومطويات أى : مجموعات تحت قدرته وملكه ، كما يجمع الكتاب المطوى ، والجملة الكريمة حال من لفظ الجلالة ، فيكون المعنى : إن هؤلاء المشركين لم يعظموا الله حق تعظيمه ، حيث أشركوا معه في العبادة آلهة أخرى هي من مخلوقاته ، والحال أنه ـ سبحانه ـ هو المتولى لإبقاء السموات والأرض على حالهما في الدنيا ، وهو المتولى لتبديلهما أو إزالتهما في الآخرة ، فالأرض كلها مع عظمتها
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ١٤١.