أقرب الملائكة إلى الله ـ تعالى ـ يضمون إلى تسبيحهم لذاته ـ سبحانه ـ ، الاستغفار للمؤمنين ، والدعاء لهم.
وقد ذكر كثير من المفسرين كلاما طويلا في صفة هؤلاء الملائكة وفي صفة العرش. رأينا أن نضرب عنه صفحا لضعفه وقلة فائدته.
أى : الملائكة الكرام المقربون إلينا ، والحاملون لعرشنا ، والحافون به ، من صفاتهم أنهم (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أى : ينزهون الله ـ تعالى ـ عن كل نقص ، ويلهجون بحمده وبالثناء عليه بما يليق به.
(وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) ـ تعالى ـ إيمانا تاما لا يشوبه ما يتنافى مع هذا الإيمان والإذعان لله الواحد القهار.
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما فائدة قوله ـ تعالى ـ : (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) ولا يخفى أن حملة العرش ومن حوله مؤمنون؟.
قلت : فائدته إظهار شرف الإيمان وفضله ، والترغيب فيه ، كما وصف الأنبياء في غير موضع من كتابه بالصلاح كذلك ، كما عقب أعمال الخير بقوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) فأبان بذلك فضل الإيمان (١).
ويستغفرون للذين آمنوا ، أى : أنهم بجانب تسبيحهم وحمدهم لربهم ، وإيمانهم به ، يتضرعون إليه ـ سبحانه ـ أن يغفر للذين آمنوا ذنوبهم.
وفي هذا الاستغفار منهم للمؤمنين ، إشعار بمحبتهم لهم ، وعنايتهم بشأنهم ، لأنهم مثلهم في الإيمان بوحدانية ـ الله تعالى ـ وفي وجوب إخلاص العبادة والطاعة له.
ثم حكى ـ سبحانه ـ كيفية استغفارهم للمؤمنين فقال : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً).
والجملة الكريمة على تقدير قول محذوف ، وهذا القول في محل نصب على الحال من فاعل (يَسْتَغْفِرُونَ) وقوله (رَحْمَةً وَعِلْماً) منصوبان على التمييز.
أى : أنهم يستغفرون للذين آمنوا ، حالة كونهم قائلين : يا ربنا يا من وسعت رحمتك ووسع علمك كل شيء ، تقبل دعاءنا.
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٤ ص ١٥٢.