وكان اسمه «حزقيل» أو «حبيب».
أى : وقال رجل مؤمن من آل فرعون وحاشيته ، وكان يكتم إيمانه عنهم ، حتى لا يصيبه أذى منهم ، فعند ما سمع فرعون يقول : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى). قال لهم : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ).
أى : أتقتلون رجلا لأنه يقول ربي الله وحده ، وقد جاءكم بالحجج البينات ، وبالمعجزات الواضحة من عند ربكم ، كدليل على صدقه فيما يبلغه عنه.
فقوله : (أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) في موضع المفعول لأجله. أى : أتقتلونه من أجل قوله هذا. وجملة (وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) حالية من فاعل يقول وهو موسى ـ عليهالسلام ـ.
والمقصود بهذا الاستفهام : الإنكار عليهم والتبكيت لهم ، حيث قصدوا قتل رجل كل ذنبه أنه عبد الله ـ تعالى ـ وحده وقد جاءهم بالمعجزات الواضحات الدالة على صحة فعله وقوله.
قال الإمام ابن كثير : وقد كان هذا الرجل يكتم إيمانه عن قومه القبط ، فلم يظهر إلا هذا اليوم حين قال فرعون (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) فأخذت الرجل غضبة لله ـ تعالى ـ و «أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» اللهم إلا ما رواه البخاري في صحيحه حيث قال :
حدثنا على بن عبد الله ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا الأوزاعى ، حدثني عروة بن الزبير قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص : أخبرنى بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بفناء الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبى معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولوى ثوبه في عنقه ، فخنقه خنقا شديدا. فأقبل أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ فأخذ بمنكبه ودفع عن النبي صلىاللهعليهوسلم ثم قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم (١).
وقال القرطبي : وعن على ـ رضى الله عنه ـ قال : اجتمعت قريش بعد وفاة أبى طالب بثلاث : فأرادوا قتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأقبل هذا يجؤه ـ أى يضربه ـ ، وهذا يتلتله ـ أى : يحركه تحريكا شديدا ـ فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان ، فأقبل يجأ هذا ويتلتل ذا ، ويقول بأعلى صوته : ويلكم .. أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، والله إنه لرسول
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٧ ص ١٣١.