وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٤٤)
قال الإمام الرازي ما ملخصه قوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) وجه تعلقه بما قبله ، أنه ـ سبحانه ـ لما قال : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) كان ذلك إشارة إلى الحشر ، فذكر ما يدل على إمكانه قطعا لإنكارهم واستبعادهم ، وعنادهم فقال : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها ..) أى : وكذلك نحيى الموتى ... (١).
والمراد بالآية هنا : العلامة والبرهان والدليل.
والمراد بالأرض الميتة : الأرض الجدباء التي لا نبات فيها.
والمراد بالحب : جنسه من حنطة وشعير وغيرهما.
أى : ومن العلامات الواضحة لهؤلاء المشركين على قدرتنا على إحياء الموتى ، أننا ننزل الماء على الأرض الجدباء. فتهتز وتربو ، وتخرج ألوانا وأصنافا من الحبوب التي يعيشون عليها. ويأكلون منها.
ونكر ـ سبحانه ـ لفظ (آيَةٌ) للإشعار بأنها آية عظيمة ، كان ينبغي لهؤلاء المشركين أن يلتفتوا إليها ، لأنهم يشاهدون بأعينهم الأرض القاحلة السوداء ، كيف تتحول إلى أرض خضراء بعد نزول المطر عليها.
والله ـ تعالى ـ الذي قدر على ذلك ، قادر ـ أيضا ـ على إحياء الموتى وإعادتهم إلى الحياة.
وقوله : (أَحْيَيْناها) كلام مستأنف مبين لكيفية كون الأرض الميتة آية.
وقدم ـ سبحانه ـ الجار والمجرور في قوله (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) للدلالة على أن الحب هو الشيء الذي تكون منه معظم المأكولات التي يعيشون عليها ، وأن قلّته تؤدى الى القحط والجوع.
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ٧٧.