والمعنى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء المشركين لقد أقمت لكم الأدلة الناصعة على وحدانية الله ـ تعالى ـ وعلى عظيم قدرته ، وعلى أنى رسول من عنده ، وصادق فيما أبلغه عنه.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن دعوتك ، ولجوا في طغيانهم ، واستمروا في كفرهم وعنادهم.
(فَقُلْ) لهم على سبيل التحذير : لقد (أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ).
وخص ـ سبحانه ـ عادا وثمود بالذكر ، لأن مشركي قريش يعرفون ما جرى لهؤلاء الظالمين. إذ قوم عاد كانوا بالأحقاف ـ أى بالمكان المرتفع الكثير الرمال ـ في جنوب الجزيرة العربية ورسولهم هو هود ـ عليهالسلام ـ.
وأما ثمود فهم قوم صالح ـ عليهالسلام ـ ، ومساكنهم كانت بشمال الجزيرة العربية ، وما زالت آثارهم باقية ، وأهل مكة كانوا يمرون عليها في طريقهم إلى بلاد الشام للتجارة.
والضمير في قوله ـ تعالى ـ : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ، أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ...) يعود إلى قوم عاد وثمود.
والمراد بالرسل : هود وصالح ـ عليهماالسلام ـ من باب إطلاق الجمع على الاثنين ، أو من باب إدخال من آمن بهما معهما في المجيء إلى هؤلاء الأقوام لدعوتهم إلى عبادة الله وحده.
وقوله : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ ...) حال من قوله (صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) وقوله (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) متعلق بجاءتهم.
والمراد بالجملة الكريمة : أن الرسل بذلوا كل جهدهم في إرشاد قوم عاد وثمود إلى الحق ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم وبينوا لهم بأساليب متعددة حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الكافرين.
وقوله : (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) بيان لما نصح به الرسل أقوامهم و «أن» يصح أن تكون مصدرية ، أى : بأن لا تعبدوا إلا الله ، ويصح أن تكون مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف. أو تفسيرية لأن مجيء الرسل يتضمن قولا.
أى جاء الرسل إلى قوم عاد وثمود بكل دليل واضح على وجوب إخلاص العبادة لله ، ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم ، وقالوا لهم : اجعلوا عبادتكم لله ـ تعالى ـ وحده.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله : (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ...).