من أحوال حياتكم.
وإذا فمن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر ـ مع ما فيه من المائية المضادة لها ـ كان أقدر على إعادة الأجساد بعد فنائها.
ثم أضاف ـ سبحانه ـ إلى توبيخهم على جهلهم وكفرهم توبيخا آخر. فقال : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ).
والاستفهام ـ كسابقه ـ للإنكار والتعجيب من جهالاتهم ، والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام والضمير في «مثلهم» يعود إلى المنكرين للبعث.
والمعنى : إن من قدر على خلق السموات والأرض ـ وهما في غاية العظم ـ قادر من باب أولى على إعادة خلق البشر ، الذي هو صغير الشكل ، ضعيف القوة.
وجملة : (بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) جواب من جهته ـ تعالى ـ وتصريح بما أفاده الاستفهام الإنكارى ، من تقرير ما بعد النفي ، وتأكيد قدرته ـ سبحانه ـ على الخلق والإعادة. لأن «بلى» حرف جواب ، يؤتى به لإثبات فعل ورد قبله منفيا.
أى : بلى إنه لقادر ـ سبحانه ـ على أن يخلق مثلهم ، وعلى أن يعيدهم للحياة مرة أخرى ، وهو ـ سبحانه ـ «الخلاق» أى : الكثير المخلوقات «العليم» أى : الكثير العلم بحيث لا يخفى عليه شيء.
ثم أكد ـ سبحانه ـ شمول قدرته لكل شيء فقال : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
أى : إنما شأنه ـ سبحانه ـ في إيجاد الشيء ، أنه إذا أراد إحداثه ، أن يقول له كن ، أى : كن موجودا فيكون ، أى : فهذا الشيء يكون ويوجد في الحال ... قال الشاعر :
إذا ما أراد الله أمرا فإنما |
|
يقول له «كن» قولة فيكون |
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بتنزيهه ـ تعالى ـ عن كل نقص ، فقال (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
أى : فتنزه الله ـ تعالى ـ الذي له ملك كل شيء ملكا تاما ، والذي إليه المرجع والمآب ، عن كل ما يقوله الكافرون من عدم قدرته على إحياء الموتى.
فهو ـ سبحانه ـ لا يعجزه شيء ، ولا يخفى على علمه شيء ، ولا يحول دون قدرته شيء (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).