وَما تَأَخَّرَ) (١) والأوّل أولى. (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) قرأ الجمهور (يُوحى) مبنيا للمفعول ، أي : ما أتبع إلا القرآن ولا أبتدع من عندي شيئا ، والمعنى : قصر أفعاله صلىاللهعليهوسلم على الوحي لا قصر اتّباعه على الوحي (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي أنذركم عقاب الله وأخوّفكم عذابه على وجه الإيضاح.
وقد أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال : الخط. قال سفيان : لا أعلم إلا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، يعني أن الحديث مرفوع لا موقوف على ابن عباس. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كان نبيّ من الأنبياء يخطّ ، فمن صادف مثل خطّه علم» ومعنى هذا ثابت في الصحيح ، ولأهل العلم فيه تفاسير مختلفة. ومن أين لنا أن هذه الخطوط الرملية موافقة لذلك الخط؟ وأين السند الصحيح إلى ذلك النبيّ؟ أو إلى نبينا صلىاللهعليهوسلم أن هذا الخط هو على صورة كذا؟ فليس ما يفعله أهل الرمل إلا جهالات وضلالات. وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال : «حسن الخط». وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قال : خط كان يخطه العرب في الأرض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) يقول : بيّنة من الأمر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في قوله : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) يقول : لست بأوّل الرسل (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) فأنزل الله بعد هذا : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٢) وقوله : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ) (٣) الآية ، فأعلم سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعا. وأخرج أبو داود في ناسخه عنه أيضا أن هذه الآية منسوخة بقوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ). وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أمّ العلاء قالت : «لما مات عثمان بن مظعون قلت : رحمك الله أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وما يدريك أن الله أكرمه؟ أمّا هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم ، قالت أمّ العلاء : فو الله لا أزكّي بعده أحدا».
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢) إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ
__________________
(١). الفتح : ٢.
(٢). الفتح : ٢.
(٣). الفتح : ٥.