به ، أي : وأحصى عدد كل شيء ، كما في قوله : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) ويجوز أن يكون منصوبا على المصدرية ، أو في موضع الحال : معدودا ، والمعنى : أن علمه سبحانه بالأشياء ليس على وجه الإجمال ، بل على وجه التفصيل ، أي : أحصى كلّ فرد من مخلوقاته على حدة.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : (الْقاسِطُونَ) العادلون عن الحقّ. وأخرج ابن جرير عنه في قوله : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ) قال : أقاموا ما أمروا به (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) قال : معينا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدّي قال : قال عمر : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) قال : حيثما كان الماء كان المال ، وحيثما كان المال كانت الفتنة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) قال : لنبتليهم به. وفي قوله : (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) قال : مشقّة من العذاب يصعد فيها. وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر ، والحاكم وصحّحه ، عنه في قوله : (يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) قال : جبلا في جهنم. وأخرج ابن جرير عنه أيضا (عَذاباً صَعَداً) قال : لا راحة فيه. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) قال : لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا مسجد الحرام ، ومسجد إيلياء ببيت المقدس. وأخرج ابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل ، عن ابن مسعود قال : «خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخطّ لي خطا ، وقال : لا تحدثن شيئا حتى آتيك» ثم قال : «لا يهولنك شيء تراه» فتقدم شيئا ؛ ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزطّ ، وكانوا كما قال الله تعالى : (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً). وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : «لما سمعوا النبي صلىاللهعليهوسلم يتلو القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه ، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول ، فجعل يقرئه : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ). وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير ، والحاكم وصحّحه ، وابن مردويه ، والضياء في المختارة ، عنه أيضا في الآية قال : «لما أتى الجنّ إلى رسول الله وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ، فعجبوا من طواعية أصحابه ، فقالوا لقومهم (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً). وأخرج ابن المنذر عنه أيضا (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) أي : يدعو الله. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) قال : أعوانا. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عنه أيضا (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ـ إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) قال : أعلم الله الرسل من الغيب الوحي ، وأظهرهم عليه ، ممّا أوحى إليهم من غيبه ، وما يحكم الله ، فإنه لا يعلم ذلك غيره. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضا (رَصَداً) قال : هي معقبات من الملائكة يحفظون رسول الله من الشياطين حتى يبيّن الّذي أرسل إليهم به ، وذلك حتى يقول أهل الشرك قد أبلغوا رسالات ربهم. وأخرج ابن مردويه عنه أيضا قال : ما أنزل الله على نبيه آية من القرآن إلا ومعها أربعة من الملائكة يحفظونها ؛ حتى يؤدّوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قرأ : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ـ إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) يعني الملائكة الأربعة (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ).