وقد أخرج ابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، عن أبي هريرة (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) قال : هي الملائكة أرسلت بالعرف. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود : (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) قال : الريح (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) قال : الريح (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) قال : الريح. وأخرج ابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في الشعب ، أنه جاء رجل إلى عليّ بن أبي طالب ، فقال : ما العاصفات عصفا؟ قال : الرياح. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) قال : الريح (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) قال : الريح (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) قال : الملائكة (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) قال : الملائكة. وأخرج ابن المنذر عنه (وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً) قال : الملائكة (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) قال : الملائكة ، فرقت بين الحق والباطل (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) بالتنزيل. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود قال : ويل : واد في جهنم يسيل فيه صديد أهل النار ، فجعل للمكذبين. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال : ضعيف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه (كِفاتاً) قال : كنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (رَواسِيَ شامِخاتٍ) قال : جبالا مشرفات ، وفي قوله : (فُراتاً) قال : عذبا.
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥) كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠))
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ) هو بتقدير القول ، أي : يقال لهم توبيخا وتقريعا (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) في الدنيا ، تقول لهم ذلك خزنة جهنم ، أي : سيروا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب ، وهو عذاب النار (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي : إلى ظل من دخان جهنم قد سطع ، ثم افترق ثلاث فرق تكونون فيه حتى يفرغ الحساب ، وهذا شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعّب شعبا. قرأ الجمهور : «انطلقوا» في الموضعين على صيغة الأمر على التأكيد. وقرأ رويس عن يعقوب بصيغة الماضي في الثاني : أي لما أمروا بالانطلاق امتثلوا ذلك فانطلقوا. وقيل : المراد بالظل هنا هو السرادق ، وهو لسان من النار يحيط بهم. ثم يتشعب ثلاث شعب فيظلّهم حتى يفرغ من حسابهم ، ثم يصيرون إلى النار. وقيل : هو الظلّ من يحموم كما في قوله : (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ـ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) (١) على ما تقدّم. ثمّ وصف سبحانه هذا الظلّ
__________________
(١). الواقعة : ٤٢ ـ ٤٣.