قال مقاتل : نزلت في ثقيف امتنعوا من الصلاة بعد أن أمرهم النبي صلىاللهعليهوسلم بها فقالوا : لا ننحني فإنها مسبة علينا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود». وقيل : إنما يقال لهم ذلك في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون. وقيل : المعنى بالركوع : الطاعة والخشوع (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بأوامر الله سبحانه ونواهيه (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) أي : فبأيّ حديث بعد القرآن يصدقون إذا لم يؤمنوا به. قرأ الجمهور : «يؤمنون» بالتحتية على الغيبة. وقرأ ابن عامر في رواية عنه ، ويعقوب : بالفوقية على الخطاب.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال : كالقصر العظيم ، وقوله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) قال : قطع النحاس. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وهناد وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه من طريق عبد الرّحمن بن عباس قال : سمعت ابن عباس يسأل عن قوله : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال : كنا نرفع الخشب بقدر ثلاثة أذرع أو أقلّ ، فنرفعه للشتاء فنسميه القصر. قال : وسمعته يسأل عن قوله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) قال : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى يكون كأوساط الرجال. ولفظ البخاري : كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للشتاء فنسميه القصر (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) حبال السفن تجمع حتى تكون كأوساط الرجال. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أنه قرأ : «كالقصر» بفتح القاف والصاد. وقال : قصر النخل : يعني الأعناق. وأخرج ابن مردويه عنه أيضا قال : كانت العرب في الجاهلية تقول : أقصروا لنا الحطب ، فيقطع على قدر الذراع والذراعين. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والطبراني في الأوسط ، عن ابن مسعود في قوله : (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قال : إنها ليست كالشجر والجبال ، ولكنها مثل المدائن والحصون. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : (كَالْقَصْرِ) قال : هو القصر ، وفي قوله : (جِمالَتٌ صُفْرٌ) قال : الإبل. وأخرج الحاكم وصححه من طريق عكرمة قال : سأل نافع ابن الأزرق ابن عباس عن قوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) (١) (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢) و (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) (٣) فقال له : ويحك هل سألت عن هذا أحد قبلي؟ قال لا ، قال : أما إنك لو كنت سألت هلكت ، أليس قال الله : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٤) قال : بلى ، قال : فإن لكل مقدار يوم من هذه الأيام لونا من الألوان. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) يقول : يدعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا.
* * *
__________________
(١). طه : ١٠٨.
(٢). الصافات : ٢٧.
(٣). الحاقة : ١٩.
(٤). الحج : ٤٧.