الأرض ، والقضب : هو القتّ الرطب الّذي يقضب مرّة بعد أخرى تعلف به الدواب ، ولهذا سمّي قضبا على مصدر قضبه ، أي : قطعه ؛ كأنه لتكرّر قطعها نفس القطع. قال الخليل : القضب : الفصفصة الرطبة ، فإذا يبست فهي القتّ. قال في الصحاح : والقضبة والقضب الرّطبة ، قال : والموضع الّذي ينبت فيه مقضبة. قال القتبيّ وثعلب : وأهل مكة يسمون القتّ القضب. والزيتون : هو ما يعصر منه الزيت ، وهو شجرة الزيتون المعروفة ، والنخل هو جمع نخلة (وَحَدائِقَ غُلْباً) جمع حديقة ، وهي البستان ، والغلب : العظام الغلاظ الرقاب. وقال مجاهد ومقاتل : الغلب : الملتف بعضها ببعض ، يقال : رجل أغلب ؛ إذا كان عظيم الرقبة ، ويقال للأسد أغلب ؛ لأنه مصمت العنق ؛ لا يلتفت إلا جميعا. قال العجّاج :
ما زلت يوم البين ألوي صلبي |
|
والرّأس حتّى صرت مثل الأغلب |
وجمع أغلب وغلباء غلب ، كما جمع أحمر وحمراء على حمر. وقال قتادة وابن زيد : الغلب : النخل الكرام. وعن ابن زيد أيضا وعكرمة : هي غلاظ الأوساط والجذوع. والفاكهة : ما يأكله الإنسان من ثمار الأشجار كالعنب والتين والخوخ ونحوها. والأبّ : كل ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس ولا يزرعونه من الكلأ وسائر أنواع المرعى ، ومنه قول الشاعر :
جذمنا قيس ونجد دارنا |
|
ولنا الأبّ به والمكرع (١) |
قال الضحاك : الأبّ كل شيء ينبت على وجه الأرض. وقال ابن أبي طلحة : هو الثمار الرطبة. وروي عن الضحاك أيضا أنه قال : هو التين خاصة ، والأوّل أولى. ثم شرع سبحانه في بيان أحوال المعاد فقال : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) يعني صيحة يوم القيامة ، وسمّيت صاخة لشدّة صوتها لأنها تصخ الآذان ، أي : تصمها فلا تسمع ، وقيل : سميت صاخة لأنها يصيخ لها الأسماع ، من قولك أصاخ إلى كذا ، أي : استمع إليه ، والأوّل أصح. قال الخليل : الصاخّة : صيحة تصخ الآذان حتى تصمّها بشدّة وقعها ، وأصل الكلمة في اللغة مأخوذة من الصك الشديد ، يقال : صخّه بالحجر ؛ إذا صكّه بها ، وجواب إذا محذوف يدل عليه قوله : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أي : فإذا جاءت الصّاخّة اشتغل كل أحد بنفسه ، والظرف في قوله : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ـ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ـ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) إما بدل من «إذا جاءت» ، أو منصوب بمقدّر ، أي : أعني ويكون تفسيرا للصاخة ، أو بدلا منها مبنيّ على الفتح ، وخصّ هؤلاء بالذكر لأنهم أخصّ القرابة ، وأولاهم بالحنوّ والرأفة ، فالفرار منهم لا يكون إلا لهول عظيم ، وخطب فظيع (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أي : لكل إنسان يوم القيامة شأن يشغله عن الأقرباء ويصرفه عنهم. وقيل : إنما يفرّ عنهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينهم ، وقيل : يفرّ عنهم لئلا يروا ما هو فيه من الشدّة ، وقيل : لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا كما قال تعالى : (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) (٢) والجملة مستأنفة
__________________
(١). «الجذم» : الأصل. «المكرع» : مفعل من الكرع ، أراد به الماء الصالح للشرب.
(٢). الدخان : ٤١.