من المؤمنين والاستهزاء بهم ، والاستفهام للتقرير ، وثوّب بمعنى أثيب ، والمعنى : هل جوزي الكفار بما كانوا يفعلونه بالمؤمنين؟ وقيل : الجملة في محل نصب بينظرون ، وقيل هي على إضمار القول ، أي : يقول بعض المؤمنين لبعض هل ثوّبت الكفار ، والثواب ما يرجع على العبد في مقابلة عمله ويطلق على الخير والشرّ.
وقد أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق شمر بن عطية أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن قوله : (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) قال : روح المؤمن إذا قبضت عرج بها إلى السماء ، ففتح لها أبواب السماء وتلقاها الملائكة بالبشرى حتى تنتهي بها إلى العرش وتعرج الملائكة ، فيخرج لها من تحت العرش رقّ فيرقم ويختم ويوضع تحت العرش لمعرفة النجاة لحساب يوم الدين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (لَفِي عِلِّيِّينَ) قال : الجنة ، وفي قوله : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) قال : أهل السماء. وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين». وأخرج ابن المنذر عن عليّ بن أبي طالب في قوله : (نَضْرَةَ النَّعِيمِ) قال : عين في الجنة يتوضّؤون منها ويغتسلون فتجري عليهم نضرة النعيم. وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر ، والبيهقي في البعث ، عن ابن مسعود في قوله : (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) قال : الرحيق : الخمر ، والمختوم : يجدون عاقبتها طعم المسك. وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عنه في قوله : (مَخْتُومٍ) قال : ممزوج (خِتامُهُ مِسْكٌ) قال : طعمه وريحه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي في البعث ، عن ابن عباس في قوله : (مِنْ رَحِيقٍ) قال : خمر ، وقوله : (مَخْتُومٍ) قال : ختم بالمسك. وأخرج الفريابي والطبراني ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : (خِتامُهُ مِسْكٌ) قال : ليس بخاتم يختم به ، ولكن خلطه مسك ، ألم تر إلى المرأة من نسائكم تقول : خلطه من الطيب كذا وكذا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن أبي الدرداء (خِتامُهُ مِسْكٌ) قال : هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم ، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريحها. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : (تَسْنِيمٍ) أشرف شراب أهل الجنة ، وهو صرف للمتقين ، ويمزج لأصحاب اليمين. وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود (مِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) قال : عين في الجنة تمزج لأصحاب اليمين ويشربها المقرّبون صرفا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) قال : هذا مما قال الله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (١).
* * *
__________________
(١). السجدة : ١٧.