في الدلائل ، عن ابن عباس في قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) قال : أنزل القرآن في ليلة القدر حتى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا ، ثم جعل جبريل ينزل على محمد بجواب كلام العباد وأعمالهم. وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل من ألف شهر. وأخرج الترمذي وضعّفه ، وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب أن النبي صلىاللهعليهوسلم أري بني أمية على منبره فساءه ذلك ، فنزلت : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) (١) يا محمد يعني : نهرا في الجنة ، ونزلت : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ـ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ـ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) يملكها بعدك بنو أمية. قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما ، والمراد بالقاسم هو القاسم بن الفضل المذكور في إسناده. قال الترمذي : إن يوسف هذا مجهول ، يعني : يوسف بن سعد الّذي رواه عن الحسن بن عليّ. قال ابن كثير : فيه نظر ، فإنه قد روى عنه جماعة : منهم حماد بن سلمة وخالد الحذاء ويونس بن عبيد. وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور. وفي رواية عن ابن معين قال : هو ثقة ، ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن. قال ابن كثير : ثمّ هذا الحديث على كلّ تقدير منكر جدا. قال المزي : هو حديث منكر ، وقول القاسم بن الفضل إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد ولا تنقص ليس بصحيح ، فإن جملة مدّتهم من عند أن استقل بالملك معاوية وهي سنة أربعين إلى أن سلبهم الملك بنو العباس ، وهي سنة اثنين وثلاثين ومائة مجموعها اثنتان وتسعون سنة. وأخرج الخطيب في تاريخه ؛ عن ابن عباس نحو ما روي عن الحسن بن عليّ. وأخرج الخطيب عن سعيد بن المسيب مرفوعا مرسلا نحوه. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : (سَلامٌ) قال : في تلك الليلة تصفد مردة الشياطين ، وتغلّ عفاريت الجنّ ، وتفتح فيها أبوابها السماء كلها ، ويقبل الله فيها التوبة لكلّ تائب ، فلذا قال : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) قال : وذلك من غروب الشمس إلى أن يطلع الفجر. والأحاديث في فضل ليلة القدر كثيرة ، وليس هذا موضع بسطها ، وكذلك الأحاديث في تعيينها والاختلاف في ذلك.
* * *
__________________
(١). الكوثر : ١.