وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه نهر في الجنة. وأخرج الطبراني في الأوسط ، عن حذيفة في قوله : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) قال : نهر في الجنة ، وحسّن السيوطي إسناده. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أسامة ابن زيد مرفوعا «أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر ، فقال : أجل ، وأرضه ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ». وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه : «أن رجلا قال : يا رسول الله ما الكوثر؟ قال : هو نهر من أنهار الجنة أعطانيه الله».
فهذه الأحاديث تدلّ على أن الكوثر هو النهر الّذي في الجنة ، فيتعين المصير إليها ، وعدم التعويل على غيرها ، وإن كان معنى الكوثر : هو الخير الكثير في لغة العرب ، فمن فسّره بما هو أعمّ مما ثبت عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم فهو تفسير ناظر إلى المعنى اللغويّ. كما أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ، والترمذي وصحّحه ، وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عطاء بن السائب قال : قال محارب بن دثار : قال سعيد بن جبير في الكوثر : قلت : حدّثنا عن ابن عباس أنه قال : هو الخير الكثير فقال : صدق إنه للخير الكثير. ولكن حدّثنا ابن عمر قال : نزلت (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب يجري على الدرّ والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل» وأخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : في الكوثر هو الخير الّذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ، قال : النهر الّذي في الجنة من الخير الّذي أعطاه الله إياه. وهذا التفسير من حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنه ناظر إلى المعنى اللغويّ كما عرّفناك ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد فسّره فيما صحّ عنه أنه النهر الّذي في الجنة ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، عن عليّ بن أبي طالب قال : «لما نزلت هذه السورة على النبيّ صلىاللهعليهوسلم (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لجبريل : ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ فقال : إنها ليست بنحيرة ، ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت ، وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السماوات السبع ، وإن لكل شيء زينة ، وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : رفع اليدين من الاستكانة التي قال الله : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) ، وهو من طريق مقاتل بن حيان ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليّ. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : «إن الله أوحى إلى رسوله أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبرت للصلاة ، فذاك النحر». وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري في تاريخه ، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والدار قطني في الأفراد ، وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، عن عليّ بن أبي طالب في قوله : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال : وضع يده اليمنى على وسط ساعده اليسرى ، ثم وضعهما على صدره في الصّلاة. وأخرج أبو الشيخ ، والبيهقي في سننه ، عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله. وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن شاهين في سننه ، وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) قال : إذا صليت فرفعت رأسك من الركوع فاستو قائما. وأخرج ابن جرير وابن