مخلصا بها لربه ولقى بها ربه (١) (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) من الرسل يقول : كما أوحينا إليك حم عسق كذلك أوحينا إلى الذين من قبلك من الرسل (اللهُ الْعَزِيزُ) بالنقمة لمن لا يؤمن به (الْحَكِيمُ (٣)) فى أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره ، ويقال : العزيز فى ملكه وسلطانه الحكيم فى أمره وقضائه (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق كلهم عبيده وإماؤه (وَهُوَ الْعَلِيُ) أعلى كل شىء (الْعَظِيمُ (٤)) أعظم كل شىء (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) يتشققن (مِنْ فَوْقِهِنَ) بعضها فوق بعض من هيبة الرحمن ، ويقال : من مقالة اليهود (وَالْمَلائِكَةُ) فى السماء (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) يصلون بأمر ربهم (وَيَسْتَغْفِرُونَ) يدعون بالمغفرة (لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) من المؤمنين المخلصين (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ) لمن تاب (الرَّحِيمُ (٥)) لمن مات على التوبة.
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا) عبدوا (مِنْ دُونِهِ) من دون الله (أَوْلِياءَ) أربابا من الأصنام (اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) شهيد عليهم وعلى أعمالهم (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦)) بكفيل تؤخذ بهم ثم أمره بعد ذلك بقتالهم (وَكَذلِكَ) هكذا (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أنزلنا إليك جبريل بالقرآن (قُرْآناً عَرَبِيًّا) بقرآن على مجرى لغة العرب (لِتُنْذِرَ) لتخوف بالقرآن (أُمَّ الْقُرى) أهل مكة (وَمَنْ حَوْلَها) من البلدان (وَتُنْذِرَ) تخوف (يَوْمَ الْجَمْعِ) من أهوال يوم الجمع يجتمع فيه أهل السماء وأهل الأرض (لا رَيْبَ فِيهِ) لا شك فيه (فَرِيقٌ) منهم من أهل الجمع (فِي الْجَنَّةِ) وهم المؤمنون (وَفَرِيقٌ) طائفة منهم (فِي السَّعِيرِ (٧)) فى نار الوقود وهم الكافرون.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) لجمع اليهود والنصارى والمشركين على ملة واحدة ملة الإسلام (وَلكِنْ يُدْخِلُ) يكرم (مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ) بدينه الإسلام (وَالظَّالِمُونَ) اليهود والنصارى والمشركون (ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍ) قريب ينفعهم (وَلا نَصِيرٍ (٨)) مانع يمنعهم من عذاب الله (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) عبدوا من دون الله (أَوْلِياءَ) أربابا (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ) بهم جميعا (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى) للبعث (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الإحياء والإماتة (قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ) فى الدين (مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) فاطلبوا حكمه من كتاب الله (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) أمركم بذلك
__________________
(١) انظر : زاد المسير (٧ / ٢٧١) ، والنكت والعيون للماوردى (٣ / ٥١١) ، وتفسير القرطبى (١٦ / ٢) ، ومفاتيح الغيب للرازى (٢٦ / ٦٦٠).