الصامت الأنصارى وكان به لمم ، أى مس من الجن فأراد أن يأتيها على حال لا تؤتى عليها النساء ، فأبت عليه فغضب ، وقال : إذا خرجت من البيت قبل أن أفعل بك فأنت علىّ كظهر أمى (١) (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) وهو أن يقول الرجل لامرأته : أنت علىّ كظهر أمى (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) كأمهاتهم (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ) ما أمهاتهم فى الحرمة (إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) أو أرضعنهم (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً) قبيحا (مِنَ الْقَوْلِ) فى الظهار (وَزُوراً) كذبا (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ) متجاوز إذ لم يعاقبه بتحريم ما أحل الله له (غَفُورٌ (٢)) بعد توبته وندامته ، ثم بين كفارة الظهار ، فقال : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) يحرمون على أنفسهم مناكحة نسائهم (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) يرجعون إلى تحليل ما حرموا على أنفسهم من المناكحة (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) فعليه تحرير رقبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) يجامعا (ذلِكُمْ) التحرير (تُوعَظُونَ بِهِ) تؤمرون به كفارة الظهار (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) فى الظهار من الكفارة وغيرها (خَبِيرٌ (٣)).
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) التحرير (فَصِيامُ) فصوم (شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) متصلين (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) يجامعا (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) الصيام من ضعفه (فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) لكل مسكين نصف صاع من حنطة أوصاع من شعير أو تبر (ذلِكَ) الذى بينت من كفارة الظهار (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) لكى تقروا بفرائض الله وسنة رسوله (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) هذه أحكام الله وفرائضه فى الظهار (وَلِلْكافِرِينَ) بحدود الله (عَذابٌ أَلِيمٌ (٤)) وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم ، نزل من أول السورة إلى هاهنا ، فى خولة بنت ثعلبة بن مالك الأنصارية ، وزوجها أوس بن الصامت ، أخى عبادة بن الصامت ، غضب عليها فى بعض شىء من أمرها لم تفعل فجعلها على نفسه كظهر أمه فندم على ذلك فبين الله له كفارة الظهار ، وقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعتق رقبة» فقال : المال قليل والرقبة غالية ، فقال : «صم شهرين متتابعين» فقال : لا أستطيع وإنى إن لم آكل فى اليوم مرة ومرتين كل بصرى وخفت أن أموت ، فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم : «أطعم ستين مسكينا» ، فقال : لا أجد فأمر النبى له بمكتل من التمر ، وأمره أن يدفعه للمساكين ، فقال : لا أعلم أحدا بين لابتى المدينة أحوج إليه منى ، فأمره بأكله ، وأطعم ستين مسكينا فرجع إلى تحليل ما حرم على نفسه أعانه على ذلك النبى صلىاللهعليهوسلم ورجل آخر.
__________________
(١) انظر : سنن ابن ماجه (١ / ٦٦٦) ، ومستدرك الحاكم (٢ / ٤٨١) ، ولباب النقول (٢٠٦) والدر المنثور (٦ / ١٧٩) ، وتفسير القرطبى (١٧ / ٢٦٩).