يؤمي اليه كلام الوحيد (١) في «التجريد» حيث قال : وإعجاز القرآن ، قيل : لفصاحته ، وقيل : لاسلوبه وفصاحته ، وقيل : للصرفة ، والكلّ محتمل ، إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة.
لكنّه لا يخفى عليك أنّ الاختلاف في ذلك غير قادح في الإعجاز الّذى اتّفق عليه جميع أهل الإسلام ، بل كافّة الأنام من الخواصّ والعوامّ ، حيث إنّه من الضروريّات القطعية المعلومة لجميع أهل الفرق والأديان أنّ نبيّنا خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله قد ادّعى النبوّة العامّة الخاتميّة على فترة من الرّسل وانقطاع من الوحي ، وضلالة من الأمم ، وجهالة في أهل العالم ، واندراس لجملة العلوم والحكم ، فجاءهم بهذا القرآن الهادي للّتي هي أقوم ، هدى من الضلالة ، ورشدا من العمى والجهالة ، ونورا من الظلمة ، وضياء عن الغياهب (٢) المدلهمّة ، واستبصارا لكافة الأمّة ، وكشفا للغمّة ، ساطعا تبيانه ، قاطعا برهانه ، قرأنا عربيّا غير ذي عوج ، داعيا إلى خير مقصد ومنهج ، مصدّقا لما بين يديه من الكتب السماويّة ، محتويا على أكثر ممّا اشتملت عليه من العلوم الحقّة والمعارف الإلهيّة ، معجزا سائرا دائرا ، باقيا على مرّ الدهور ، متجليا منه أنوار الحقائق تجلّى النور من الطّور ، أفحم به من تصدّى لمعارضته من العرب العرباء ، وأبكم به من تحدّى من مصاقع الخطباء الفصحاء الّذين هم كانوا أمراء الكلام ، وبلغاء الأنام ، فلم يظهر منهم إلّا الضعف والفتور ، مع ما كان يتلو عليهم من الآيات الحاكمة عليهم بالعجز والقصور مثل قوله تعالى :
__________________
المتوفى (٦٦٤) ، طبقات أعلام الشيعة ج ٣ / ٧١.
(١) المقصود به هو الخراجة نصير الدين الطوسي المتوفى (٦٧٢).
(٢) الغياهب جمع الغيهب وهي الظلمة ، والمدلهمّة من ادلهمّ اللّيل اى اشتدّ سواده.