الفصل الثالث
في المحكم والمتشابه
اعلم أنّ الكتاب الكريم وإن اتصّف كلّه بل كلّ آية منه بكونه محكما أي محفوظا من الغلط ، وفساد المعنى ، وركاكة اللفظ كما في قوله تعالى : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١) أو المعنى ضمنت الحكمة المطلقة التي هي مطابقة التدوين للتكوين.
وبكونه متشابها لأنه يشبه بعضه بعضا في جزالة اللفظ ، وفصاحته ، وصحة المعنى ، وتصديق بعضه بعضا كما في قوله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً) (٢) أي متماثلا فيما مرّو غيره بلا اختلاف ولا تناقض ، (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٣). إلّا أنّه من حيث وضوح الدلالة وخفائها بحسب أفهام أغلب الأنام ينقسم الى محكم ومتشابه كما أشير اليه في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (٤) ، وفي أخبار مستفيضة بل متواترة تأتي الى بعضها الإشارة. وهما
__________________
(١) هود : ١.
(٢) الزمر : ٢٣.
(٣) النساء : ٨٢.
(٤) آل عمران : ٧.