الفصل الرابع
في الناسخ والمنسوخ
النسخ لغة الإزالة كقولهم : نسخت الشمس الظلّ أي أزالته ، ومنه نسخت الريح آثار القدم ، والنقل والتحويل كقولهم : نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه الى كتاب آخر ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١) أي ننقله الى الصحف ، بل منه أيضا ما قيل من تناسخ الأرواح لنقلها من بدن الى بدن آخر متنعمة فيه أن كانت محسنة ، ومعذّبة فيه أن كانت مسيئة ، وتناسخ القرون انقراضها قرنا بعد قرن ، وتناسخ المواريث نقلها وتحويلها من وارث الى غيره قبل القسمة.
وقد طال التشاجر بين الأصوليين وغيرهم في كون النسخ حقيقة في الأول كما عن المشهور ، أو الثاني كما عن القفّال (٢) ، أو أنّه مشترك بينهما كما عن الشيخ
__________________
(١) الجاثية : ٢٩.
(٢) القفّال عبد الله بن أحمد المروزي ، فقيه ، شافعي ، كان وحيد زمانه فقها وحفظا وزهدا ، كثير الآثار في مذهب الشافعي ، وكانت صنعته عمل الأقفال ، ولد سنة ٣٢٧ وتوفي بسجستان سنة ٤١٧.