أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها (١).
فوا عجبا هل كان هذا اللّحن من الله ، أو من رسوله ، أو أنّ الخليفة لم يعلم كيفيّة الكتابة والقراءة فأخطأ فيهما ، والتمس من العرب إقامتها بألسنتها ، ومن هنا اختلفت كلماتهم في الجواب عن الخبر ، فردّه بعضهم (٢) بالضعف وعدم الثبوت.
وأوّله آخرون بأنّ المراد اشتمال القرآن على الإشارات والرموز الّتى سيطّلع عليها الآخرون.
وقال ثالث : إنّ معنى الخبر : أرى فيه مواضع من الرسم الاصطلاحي في صورة خطّ يخالف اللفظ لو قرأت لكان لحنا.
والكلّ كما ترى.
وذكروا أيضا : أنّه كتب عثمان مصحفا لنفسه ، ونسخ منه أربعة نسخ وسيّرها إلى الكوفة والبصرة والشام ، وأبقى مصحفا منها بالمدينة وهو المعتبر عندهم بالمدني العام ، ويعبّرون عن النسخة الاولى بالمصحف الإمام.
وقيل : سيّر نسخة خامسة إلى مكّة ، وسادسة إلى البحرين ، وسابعة إلى اليمن.
وكان المصاحف خالية عن النقط ، والتشديد ، والإعراب ، وكانت هذه المصاحف أيضا مختلفة ، كما عن الجزري الشافعي ، وغيرهم من علمائهم ، وصرّح به بعض فضلائهم في شرح أرجوزة مؤلفة في اختلاف الرسم وذكروا الاختلافات الواقعة بين المصاحف مع التنبيه على ما في مصحف إمامهم.
__________________
(١) كنز العمّال ج ٢ ص ٥٨٦.
(٢) قال ابن الأنبارى : حديث عثمان لا يصحّ لأنّه غير متصل ، ومحال أن يؤخّر عثمان شيئا ليصلحه من بعده ـ تفسير ابن تيمية ج ٥ ص ٢٠٧.