وفيه فصول :
الفصل الأول
في الانزال والتنزيل والفرق بينهما
قد سبق جملة من الكلام في تحقيق معنى التنزيل والوحي والإلهام ، والذي ينبغي ذكره في المقام أنّ القرآن تارة قد وصف بالإنزال وأخرى بالتنزيل ، وهما وإن اشتركا في الحلول من عال الى أسفل ، بل قال في القاموس نزّله تنزيلا وأنزله إنزالا ومنزلا كمجمل ، واستنزله بمعنى : إلّا أنّه قد يفرق بين الأمرين باختصاص الأوّل بأحداث الفعل من غير تكثر بأن كان النزول دفعة واحدة ، والثاني بإحداثه على وجه التكثير والتدريج ، ولعلّه لما في معنى التفعيل من الإشعار على تكثير الفعل أو الفاعل أو المفعول ، والمقام من الأوّل حيث إنّه قد أنزل الى السماء الدنيا ، وإلى البيت المعمور في ليلة القدر ، ثم أنزل منجما مفرقا الى النبي صلىاللهعليهوآله في ثلاث وعشرين سنة ، أو في عشرين سنة ، بل يستفاد ذلك أيضا من قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) (١) وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (٢) بل من قوله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (٣) ،
__________________
(١) الدخان : ٣.
(٢) القدر : ١.
(٣) البقرة : ١٨٥.