بأس بها إنّما هي مواثيق» (١).
كأنّه صلىاللهعليهوآله خاف أن يقع فيها شيء ممّا كانوا يتلفّظون به ويعتقدونه من الشرك في الجاهليّة ، وما كان بغير اللسان العربي ممّا لا يعرف له ترجمة ، ولا يمكن الوقوف عليه فلا يجوز استعماله.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآله : «لا رقية إلّا من عين أو حمة (٢)» (٣) فمعناه لا رقية أولى وأنفع ، كما قيل : لا فتى الّا عليّ عليهالسلام.
وقد أمر صلىاللهعليهوآله غير واحد من أصحابه بالرقية ، وسمع بجماعة يرقون فلم ينكر عليهم.
وأمّا الحديث الآخر في صفة أهل الجنّة الذين يدخلونها بغير حساب : «الذين لا يسترقون ولا يكتوون ، وعلى ربّهم يتوكّلون» (٤).
فهذا من صفة الأولياء المعرضين عن أسباب الدنيا الذين لا يلتفتون إلى شيء من علائقها ، وتلك درجة لا يبلغها إلّا الخواصّ ، وأمّا العوامّ فمرخصّ لهم في التداوى والمعالجات (٥).
أقول : وذلك بأنّ يكون الاعتماد فيها على الله سبحانه الذي جعل فيها تلك الآثار ، كالاصطلاء بالنار ، ثمّ بأن يرى الآثار منه سبحانه من دون الوسائط وإن كان الإفاضة منه سبحانه عند دعاء العبد ، أو توسّله بتلك الأمور ، بل بالدعاء أيضا من جهة محض العبوديّة والذلّة ، وإظهار الانقياد والطاعة ، مع أنّ الإغماض الكلّي عن المقاصد أو عن التوسّل إليها بمثل هذه الأمور ، ثمّ بعدها مراتب أخر
__________________
(١) مجمع الزوائد ج ٥ ص ١١١.
(٢) سنن أبى داود ح ٣٨٨٤ ـ وسنن الترمذي ح ٢٠٥٧.
(٣) مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٤٠٦.
(٤) نهاية ابن الأثير ج ٢ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٥) نهاية ابن الأثير ج ٢ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.