الفصل الرابع
في معنى الآية والكلمة والحروف
أما الآية فهي في الأصل بمعنى العلامة ، أو العلامة التي فيها العبرة ، أو التي فيها الحجّة ، أو العلامة الظاهرة ، وبمعنى العجب من قولهم فلان آية في العلم ، والعبرة ، والشخص ، ولعل الأظهر كونها حقيقة في الأول ، وإن أطلقت على الجميع باعتبار الموارد ، وعليه حمل قوله تعالى : (عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ) (١) أي علامة لإجابتك دعانا ، وآيات الكتاب علامات ودلالات على معانيها.
وعن أبي عبيدة (٢) أن معنى الآية أنها علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها
__________________
(١) المائدة : ١١٤.
(٢) معمر بن المثنّى بالولاء البصري ، أبو عبيدة النحوي : من أئمة العلم بالأدب واللغة مولده في سنة ١١٠ ووفاته في البصرة ٢٠٩ ه استقدمه هارون الرشيد الى بغداد سنة ١٨٨ ه ، وقرأ عليه أشياء من كتبه. قال الجاحظ : لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه. وكان أباضيا ، شعوبيا ، من حفّاظ الحديث ، قال ابن قتيبة : كان يبغض العرب وصنف في مثالبهم كتبا ولمّا مات لم يحضر جنازته أحد ، لشدّة نقده معاصريه ، وكان مع سعة علمه ، ربّما أنشد البيت فلم يقم وزنه ويخطئ إذا قرأ القرآن نظرا له نحو ٢٠٠ مؤلّف منها «مجاز القرآن» و «معاني القرآن» «واعراب القرآن» و «طبقات الشعراء» وغيرها.
وفيات الأعيان ج ٢ ص ١٠٥ ـ تأريخ بغداد ج ١٣ ص ٢٥٢ ـ الأعلام ج ٨ ص ١٩١.