تذييل في الجواب عن إشكال الملاحدة على وجود
المتشابهات في القرآن
حكى الرازي في تفسيره عن بعض الملاحدة أنّهم طعنوا في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات وقالوا : إنّكم تقولون : إنّ تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن الى قيام القيامة ، ثم أنّا نريه بحيث يتمسّك به صاحب كلّ مذهب على مذهبه. فالجبري يتمسّك بآيات الجبر كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) (١) ، والقدري يقول : بل هذا مذهب الكفّار بدليل أنه تعالى حكى ذلك منهم في معرض ذمّهم في قوله : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) (٢) وفي موضع آخر : (وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) (٣) وأيضا مثبت الرؤية يتمسّك بقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٤) والنافي لها يتمسّك بقوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (٥) ، ومثبت الجهة يتمسّك بقوله تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٦) وبقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٧) ،
__________________
(١) الأنعام : ٢٥ ، والإسراء : ٤٦.
(٢) فصلت : ٥.
(٣) البقرة : ٨.
(٤) القيامة : ٢٢.
(٥) الأنعام : ١٠٣.
(٦) النحل : ٥٠.
(٧) طه : ٥.