مأخوذان من الإحكام الذي هو الإتقان ، والتشابه الذي هو تماثل المراد بغيره ، فيحصل الاشتباه فيه ، وإن اختلفوا في المراد بهما : فقيل : إنّ المحكم ما اتضّح معناه وظهرت دلالته لكل عارف باللغة ، والمتشابه ما لا يعلم المراد به إلّا بقرينة تدل عليه ، فاللغات الغامضة لا توجب التشابه ، والمجازات كلها منه على وجه وإن كان يمكن أن يفرق بين القرائن ، حيث أن القرائن المتصلة سيما اللفظية منها لا تشابه معها أصلا.
وقيل : إنّ المحكم هو الناسخ أو ما لم ينسخ أو ما لم يخصّص ولم يقيّد أيضا ، والمتشابه هو المنسوخ أو ما يشمل المخصّص والمقيّد.
وقيل : إنّ المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلّا وجها واحدا ، والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعدا.
وقيل : إنّ المحكم ما لم يتكرر ألفاظه ، والمتشابه هو المتكرر كقصة موسى وغيره.
وقيل : إنّ المحكم ما يعلم تعيين تأويله ، والمتشابه ما لا يعلم تعيين تأويله كقيام الساعة.
الى غير ذلك من الأقوال التي لا شاهد لها ولو من جهة ظهور اللفظ ، وانسباق المعنى منه ، ولذا وقع الاختلاف في تعيين معناه حتى من أهل اللغة وإن كان اختلافهم ليس على محض اللغة بل باعتبار استيفاء الأقوال بعد وقوع الخلاف ، ولذا اكتفى في «الصحاح» و «المصباح» على تفسير المتشابهات بالمتماثلات ، وقال في «القاموس» : سورة محكمة غير منسوخة والآيات المحكمات : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) (١) الى آخر السورة ، أو التي
__________________
(١) الأنعام : ١٥١ ـ ١٥٣.