.................................................................................................
______________________________________________________
المخيف. ومن الواضح ان التقليد ليس هو مثل كون الاربعة زوجا ، وليس هو من الامور التي تدعو اليه جبلة الحيوان ، بل ينبغي ان يكون مراده من الفطري والجبلي بمناسبة كونه ايضا من البديهي هو كونه وجدانيا ، والمراد من كون التقليد امرا وجدانيا هو ان الجاهل بعد التفاته الى انه عليه أحكام منجزة لا بد له من امتثالها ، وامتثالها مما يتوقف على العلم بها ، وهو عاجز عن تحصيل العلم بها نفسه ولا يقدر على الاحتياط فيها ـ يكون انحصار العلم بها ومعرفتها في الرجوع بها الى العالم بها امرا وجدانيا له ، لبداهة انه لو لا ذلك لانسد عليه باب العلم بها ، ومن الضروري توقف امتثالها على معرفتها.
فاتضح : ان الجاهل يحس ببداهة وجدانه جواز رجوعه الى الغير في معرفة الاحكام المنجزة عليه ، واذا ثبت كونه وجدانيا ثبت عدم احتياجه الى الدليل ، لان الامور الوجدانية من الاوليات ، والاوليات لا تحتاج الى دليل ، لان غاية الدليل هو ان ينتهي الى الاوليات.
هذا غاية ما يمكن تقريب كون رجوع الجاهل الى العالم امرا وجدانيا.
ولكنه يمكن ان يقال : بانه ـ ايضا ـ ليس من الامور الوجدانية ، لان الوجدانيات هي الامور التي تكون حاضرة للمدرك بنفسها ككون الشخص له علم او شوق ، وليس التقليد كذلك ، بل لا بد وان يكون الدليل على التقليد هو الدليل العقلي على انحصار امر الجاهل بالتقليد والرجوع الى الغير ، لان العقل بعد ادراكه كون الجاهل عليه أحكام منجزة لا بد له من معرفتها ليتمكن من امتثالها ، وبعد فرض كونه عاجزا عن تحصيلها بنفسه ، وكونه عاجزا ايضا عن الاحتياط فيها ـ يحكم العقل بانحصار امره في رجوعه الى العالم.
وعلى كل فقد اشار الى ما ذكرنا ـ من تقريب كون التقليد فطريا جبليا بقوله : «يكون بديهيا جبليا فطريا» كما مر تقريبه ، واذا كان فطريا جبليا فلا بد وانه «لا يحتاج الى دليل» لما مر من ان الامور البديهية لا تحتاج الى الدليل «وإلّا لزم سد