الروايتين لا يكاد يكون إلا بالترجيح ولذا أمر عليهالسلام بإرجاء الواقعة إلى لقائه عليهالسلام في صورة تساويهما فيما ذكر من المزايا ، بخلاف مقام الفتوى (١) ومجرد مناسبة الترجيح لمقامها أيضا لا يوجب ظهور الرواية في وجوبه مطلقا ولو في غير مورد الحكومة ، كما لا يخفى (٢).
______________________________________________________
(١) حاصله : انه لا وجه لان يدعى تنقيح المناط بين مورد التنازع ومورد الفتوى ، بان الغرض في كل منهما بيان ما هو الحكم ، وكما ان مورد التنازع وتعارض الروايات فيه لا ينتهي إلّا بالحكم الشرعي ، فكذا مورد الفتوى.
والوجه في عدم صحة تنقيح المناط : هو لان التعارض لا يرتفع إلّا بالحكم الشرعي البات ، فالترجيح في مورد التنازع لبيان الحكم الشرعي البات الذي لا تخيير فيه ، وهذا المناط غير موجود في مورد الفتوى عند تعارض الروايات لامكان التخيير فيه.
وبما ذكرنا تعرف انه لا وجه لتنقيح المناط ، لانه لا بد في تنقيح المناط من تساوي المقيس والمقيس عليه ، ولا تساوي بينهما هنا لما عرفت من ان مورد التنازع مما لا يقبل التخيير ، بخلاف مورد الفتوى فانه يقبل التخيير ، ومع هذا الاختلاف بينهما لا وجه لتنقيح المناط والتعدي عن مورد الخصومة الى مورد الفتوى.
والى هذا اشار بقوله : «ولا وجه لدعوى تنقيح المناط» ليكون الترجيح في مورد التنازع جاريا ـ ايضا ـ في مورد الفتوى ، فانه لا وجه لوحدة المناط فيهما «مع ملاحظة ان رفع الخصومة» لا يكاد يكون الا «بالحكومة» و «في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استند اليه من الروايتين لا يكاد يكون إلّا بالترجيح» او بالايقاف «ولذا امر عليهالسلام بارجاء الواقعة الى لقائه عليهالسلام في صورة تساويهما فيما ذكر من المزايا» ولا مجال للتخيير فيه «بخلاف مقام الفتوى» فان للتخيير مجالا فيه.
(٢) توضيحه : ان مقام الفتوى مما يمكن فيه الامور الثلاثة : الترجيح بالمزايا ، والتوقف ، والتخيير. ومقام المخاصمة يختص بالترجيح والتوقف ، ولا يعقل فيه التخيير.