وإن أبيت إلا عن ظهورهما في الترجيح في كلا المقامين ، فلا مجال لتقييد إطلاقات التخيير في مثل زماننا مما لا يتمكن من لقاء الامام عليهالسلام بهما ، لقصور المرفوعة سندا وقصور المقبولة دلالة ، لاختصاصها بزمان التمكن من لقائه عليهالسلام (١) ، ولذا ما أرجع إلى التخيير بعد فقد
______________________________________________________
وليس لقائل ان يقول : ان الترجيح كما يناسب مقام المخاصمة كذلك يناسب مقام الفتوى ، فلا مانع من تنقيح المناط في مقام الفتوى بعد ان كان الترجيح يناسب المقامين.
لان مجرد المناسبة بين المقامين بامكان الترجيح فيهما لا يصحح تنقيح المناط ، بل لا بد من مساواة المقيس والمقيس عليه في عامة الجهات ، وحيث كان مورد المقيس عليه وهي المقبولة في خصوص المخاصمة الذي لا يناسبه التخيير ، فلا تتم المساواة في عامة الجهات بينهما حتى يصح تنقيح المناط. والى هذا اشار بقوله : «ومجرد مناسبة الترجيح لمقامها» أي لمقام الفتوى كما هو مناسب لمقام المخاصمة «ايضا لا يوجب ظهور الرواية في وجوبه مطلقا ولو في غير مورد الحكومة» والمخاصمة بحيث يكون شاملا لمقام الفتوى «كما لا يخفى».
(١) حاصله : انه مع التنزل وتسليم دلالة المقبولة والمرفوعة على وجوب الترجيح مطلقا حتى في مقام الفتوى ، فلا بد من الاقتصار على وجوب الترجيح في مقام الفتوى في زمان الحضور دون زمان الغيبة ، فان ادلة التخيير مطلقة شاملة لزمان الحضور وزمان الغيبة ، ولا تصلح المقبولة والمرفوعة لتقييد هذا الاطلاق بحيث يشمل التقييد زمان الغيبة ، لان المرفوعة وان لم تكن مقيدة بزمان الحضور ، إلّا ان ضعف سندها جدا مانع عن قابليتها لتقييد مطلقات التخيير ، لان المقيد لا بد وان يكون بالغا مرتبة الحجية حتى يكون صالحا لتقييد المطلقات ، فان المطلق انما يجب تقييده بالمقيد لكون المقيد حجة اقوى منه ، والمرفوعة حيث انها ليست بحجة لضعفها جدا فلا تصلح لتقييد مطلقات التخيير.