متوقفة على احراز صغروية (الواقع) للكبرى المطلوبة ، ولا يتم هذا الاحراز الا ينفي جميع الاحتمالات الأخر ، اذ مجيء الاحتمال مبطل للاستدلال في باب الامور العقلية ، وان لم يكن مبطلا له في باب الظواهر اللفظية ، لابتناءها على الظنون النوعية ، بخلاف الاولى فانها تبتني على القطع ، وهو لا يجامع احتمال الخلاف مطلقا .. وما سيق من الامثلة في هذا الباب لا يتعين كونه من الامر الترتبي لاحتمال كونه من غيره ، وتوضيح ذلك يتوقف على بيان مقدمات :
(الاولى) :
ان الملاك القائم بالشيء لا يزول بحصول التضاد بينه وبين ضده ، اذ الملاك عبارة عن المصلحة ـ أو المفسدة ـ التكوينية الحاصلة في الشيء ، ولا ينقلب الموصوف بصفة تكوينية عما هو عليه لعدم قدرة المكلف على الجمع بينه وبين ضده .. ولو نوقش في الكلية المزبورة كفت الموجبة الجزئية في اثبات المطلوب.
نعم قد لا يلحظ الملاك القائم بالشيء في مقام جعل الحكم بحيث يكون مؤثرا فيه ، لحصول الكسر والانكسار بين المقتضيات المتزاحمة وترجيح الاهم منها.
لكن عدم لحاظه في مقام التشريع لا يستلزم عدم ثبوته في الخارج ، كما في انقاذ الغريقين ، فان التضاد بينهما ـ بالنظر لقدرة المكلف ـ لا يمنع عن اتصاف كل منهما بالمصلحة في حد ذاته ـ وان فرض عدم كونها محركة لجعل الحكم على طبق أحدهما لكون الآخر أهم ـ.
(الثانية) :
ان محبوبية الشيء لا تستلزم مبغوضية ضده الخاص لتوقف مبغوضية الشيء على وجود المفسدة فيه ، وهي اما نفسية أو غيرية ، ولا مفسدة نفسية في الضد على ما هو المفروض ، كما لا مفسدة غيرية فيه اذ انها اما ان تنشأ من (المقدمية) ـ بتقريب