أيضا ، فلا يتم الاطلاق المزبور بلحاظ الكبرى ، وعليه ينبغي تقييد التأخر بوقوع الامر في سلسلة عللها الوجودية.
(وعلى الثاني) يقرر الجواب :
بأن الطاعة لا تخلو من أن تكون حيثية وجودية أو عدمية ، فان كانت حيثية وجودية فقد ظهر الحكم فيها مما سبق ، وان كانت حيثية عدمية فلا تقدم للامر عليها كي يستدل بذلك على تقدمه على نقيضها الوجودي ـ وهو العصيان ـ باعتبار اتحاد رتبة النقيضين.
الجواب الثاني :
ان انتزاع مفهوم معين من شيء خاص لا يكون اعتباطا ، بل لا بد من أن يكون في منشأ الانتزاع خصوصية معينة بها صح الانتزاع ، وإلّا لانتزع كل شيء من كل شىء ، فانتزاع مفهوم العلية من العلة لا يكون إلّا لوجود خصوصية فيها ـ وهي كون وجوب المعلول قائما بها مستندا اليها ودورانه مدارها وجودا وعدما ـ وهكذا سائر المفاهيم الانتزاعية كالفوقية والتحتية والمحاذاة ونحوها. والمعية والسبق واللحوق مفاهيم انتزاعية يحتاج انتزاعها الى مصحح ، هو تلك الخصوصية الكامنة في منشأ الانتزاع ، فمجرد كون الشيء بديلا للنقيض لا يصحح تسرية ما اتصف به اليه ما دام فاقدا للخصوصية المصححة للانتزاع.
نعم لو كان البديل واجدا ـ كالنقيض ـ لتلك الخصوصية صح الانتزاع منه ـ كما صح الانتزاع من النقيض ـ لا لكونه بديلا للنقيض ، بل لكونه واجدا للملاك كالنقيض.
والى هذا أشار المحقق الاصفهاني في نهاية الدراية بقوله (ان تأخر الاطاعة ـ بمعنى الفعل ـ عن الامر لكونه معلولا له لا يقتضي تأخر العصيان النقيض لها عن الامر ، اذ ليس فيه هذا الملاك ، والتقدم والتأخر لا يكونان إلّا لملاك يوجبهما