قد جرى ديدن أرباب الفنون من الصدر الاول .. ومن المعلوم أنه لا يكاد يجمع من القضايا والقواعد في كل فن الا ما كانت منها محصلة لذلك الغرض ، دون غيرها من القضايا التي لا يكون لها دخل في ذلك الغرض ، فمن كان غرضه مثلا هو صيانة الفكر عن الخطأ لا بد له من تدوين القضايا التي لها دخل في الغرض المزبور دون غيرها من القضايا غير المرتبطة به ..).
(مع) أنه لم ينقدح المراد بالوحدة التي جعلها ملاكا لكون المسألة فقهية ، اذ الوحدة الحقيقية الحقة ـ وهي ما لم تكن الذات فيها مأخوذة في مفهوم الصفة المشتقة من الوحدة ـ منتفية في المقام مطلقا ، والوحدة الحقيقية غير الحقة ـ وهي التي أخذت الذات فيها لكن كانت الوحدة وصفا لها بحال نفسها في مقابل الوحدة غير الحقيقية التي تكون الوحدة وصفا لها بحال متعلقها كالوحدة بالجنس أو النوع ـ سارية في كل أقسام الواحد بالعموم المفهومي دون فرق بين كون الوحدة صنفية أو نوعية أو جنسية وبين كونها قريبة أو بعيدة ، وتكثر المصاديق الخارجية مشترك بين الجميع ، وصرف سعة حيطة مفهوم وضيق آخر لا يكون مائزا فيما نحن بصدده ، وإلّا لزم الاقتصار في كون المسألة فقهية على ما يكون موضوعه هو الصنف القريب ، وهو مقطوع الانتفاء.
(ثم) على ما ذكره (قده) تخرج كثير من المسائل والقواعد الفقهية عن دائرة البحث الفقهي مثل (العبادات مشروطة بالنية) و (العقود تابعة للقصود) و (ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده) و (ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده) و (أوفوا بالعقود) و (انما يحلل الكلام ويحرم الكلام) و (الاستصحاب) و (البراءة) الجاريتين في الشبهات الموضوعية ـ على مبنى القوم فيهما ـ ونحوها ، لعدم وحدة الموضوع والمحمول فيها.
(مضافا) الى أنه لم يثبت كون الخطابات الوحدانية الموضوع والمحمول ـ ـ مثل قوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقوله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)