قلت : لأنه كان قد آمن بهود بعضهم ، فلم يكونوا كلهم قائلين له : (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) بخلاف قوم نوح ، فإنه لم يكن فيهم من آمن به إذ ذاك.
ونقض بأنه تعالى ، وصف أيضا الملأ من قوم نوح بالكفر في هود.
وأجيب بجواز كون هذا القول وقع مرتين ، المرة الثانية بعد إيمان بعضهم ، بخلاف المرة الأولى.
٢٠ ـ قوله تعالى في قصة نوح : (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ) [الأعراف : ٦١].
قال فيها بلفظ المضارع في الجملة الثانية ، مناسبة للمضارع في الأولى ، كما عطف الماضي في قوله (لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ) [الأعراف : ٩٣].
وقاله في قصة هود بلفظ اسم الفاعل ، مناسبة لاسم الفاعل قبله في قوله : (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) وبعده في قوله : (أَمِينٌ.)
وعبّر في قصة نوح وهود بالمضارع في الجملة الأولى ، وفي قصة صالح وشعيب بالماضي فيهما ، لأن ما في الأوّلين وقع في ابتداء الرسالة ، وما في الآخرين وقع في آخرها.
٢١ ـ قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ.)
قاله هنا مرتين (١) ، وفي العنكبوت مرّة ، بالإفراد ، وقال في هود : (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) مرتين بالجمع لأن ما في المواضع الأول ، تقدّمه ذكر الرّجعة أي الزلزلة ، وهي تختصّ بجزء من الأرض ، فناسبها الإفراد. وما في الأخيرين ، تقدّمه ذكر الصّيحة ، وكانت من السّماء ، وهي زائدة على الرجفة ، فناسبها الجمع.
٢٢ ـ قوله تعالى في قصة صالح : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي.)
قال ذلك فيها بالتوحيد ، وقاله في قصة شعيب بالجمع.
__________________
(١) في الأعراف وردت الآية مرتين بالإفراد في لفظ" دارهم" في قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (٧٨) ، ومرة أخرى في قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) (٩١).