والحكمة في تكرار قصة موسى وغيرها من القصص ، تأكيد التحدي ، وإظهار الإعجاز ، ولهذا سمّى الله القرآن" مثاني" لأنه تثنّى فيه الأخبار والقصص ، أو إفادة الغائب عن المرّة السابقة ، فقد كان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يحضر بعضهم ، ويغيب بعضهم في الغزوات ، فإذا حضر الغائبون ، أكرمهم الله تعالى بإعادة الوحي ، تشريفا لهم.
٢٩ ـ قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) [الأعراف : ١٠٩].
إن قلت : كيف نسب القول هنا للملأ ، ونسبه في الشعراء لفرعون في قوله تعالى : (قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ؟)
قلت : قاله فرعون وهم ، فحكى قوله ثمّ ، وقولهم وحدهم أو معه هنا.
٣٠ ـ قوله تعالى : (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ) [الأعراف : ١١٠].
قاله هنا بحذف (بِسِحْرِهِ) وقاله في الشعراء بإثباته ، لأن الآية هنا بنيت على الاختصار ، ولأن ما قبل الآية هنا وهو : (لَساحِرٌ عَلِيمٌ) يدلّ على السحر ، بخلاف الآية ثمّ.
٣١ ـ قوله تعالى : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) [الأعراف : ١١١] قاله هنا بلفظ (وَأَرْسِلْ) وفي الشعراء بلفظ (وَابْعَثْ) وهما بمعنى واحد تكثيرا للفائدة في التعبير عن المراد ، بلفظين متساويين معنى.
٣٢ ـ قوله تعالى : (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) [الأعراف : ١١٢]. قاله هنا وفي يونس بلفظ (ساحِرٍ) موافقة لما قبله ، وهو : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) هنا ، وإنه (لا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) في يونس.
وقرىء : (بِكُلِّ سَحَّارٍ) موافقة لما في الشعراء.
٣٣ ـ قوله تعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) [الأعراف : ١٢٣].
قاله هنا بلفظ (بِهِ) وقال في طه والشعراء بلفظ : (لَهُ.) لأن الضمير هنا عائد إلى ربّ العالمين ، وفي تينك إلى موسى ، لقوله فيهما : (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ.)
وقيل : (آمَنْتُمْ بِهِ) و (آمَنْتُمْ لَهُ) واحد.