" عاد" تأتي بمعنى صار ، كما في قوله تعالى : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس : ٣٩] والمعنى : إن صرنا في ملّتكم.
٢٦ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) [الأعراف : ١٠٠].
قاله هنا بحذف المعمول وهو" به" وفي يونس بإثباته تبعا لما قبلهما في الموضعين.
إذ قبل ما هنا : (وَلكِنْ كَذَّبُوا) وقبل ما في يونس : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) بإثباته.
٢٧ ـ قوله تعالى : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) [الأعراف : ١٠٠]. مع قوله بعد : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) [الأعراف : ١٠١].
قاله هنا أولا بالنون وإضمار الفاعل ، وثانيا بالياء وإظهار الفاعل ، وقال في يونس بالنون والإضمار لأن الآيتين هنا تقدمهما الأمران : الياء مع الإظهار مرتين في قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ) والنون مع الإضمار في قوله : (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) فناسب الجمع بين الأمرين هنا.
والآية ثمّ تقدّمها النون مع الإضمار فقط ، في قوله : (فَنَجَّيْناهُ وَجَعَلْناهُمْ ثُمَّ بَعَثْنا) فناسب الاقتصار على النون مع الإضمار ثمّ.
٢٨ ـ قوله تعالى : (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [الأعراف : ١٠٦].
إن قلت : لم قال فرعون هذا ، بعد قوله : (إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ؟)
قلت : معناه إن كنت جئت بآية من عند الله فأتني بها.
فإن قلت : كيف قال تعالى هنا حكاية عن السّحرة الذين آمنوا وعن فرعون (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ) إلى قوله : (وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ) ثم حكى عنهم هذا في طه والشعراء بزيادة ونقصان ، واختلاف ألفاظ في الألفاظ المنسوبة إليهم ، والقصة واحدة ، فكيف اختلفت عبارتهم فيها؟
قلت : حكى الله ذلك عنهم مرارا ، بألفاظ متساوية معنى ، جريا على عادة العرب في التفنّن في الكلام ، والحذف في محلّ ، إحالة على ذكره في محل آخر ، وإنما خولف في ذلك ، لئلا يملّ إذا تمحّض تكراره.