١٠ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) [الإسراء : ٢٠].
أي ممنوعا.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أنا نشاهد الواحد ، لا يقدر على دانق ، وآخر معه الألوف؟!
قلت : المراد بالعطاء هنا الرزق ، والله سوّى في ضمانه بين المطيع والعاصي من العباد ، فلا تفاوت بينهم في أصل الرزق ، وإنما التفاوت بينهم في مقادير الأملاك ، وإنما لم يمنع الكفار الرزق ، كما منعهم الهداية ، لأن في منعه له هلاكهم ، وقيام الحجة لهم ، بأن يقولوا : لو أمهلتنا ورزقتنا ، لبقينا أحياء فآمنا.
ولأنه لو منعهم الرزق لكان قد عاجلهم بالعقوبة ، ولكان ذلك من صفات البخلاء ، والله منزه عن ذلك ، لأنه حليم كريم.
ولأن إعطاء الرزق لجميع العباد عدل ، وعدل الله عام ، وهبة الهداية فضل ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
١١ ـ قوله تعالى : (لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) [الإسراء : ٢٢].
قال ذلك هنا ، ثم قال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) ثم قال : (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً.)
ولا تكرار فيها ، لأن الأولى في الدنيا ، والثالثة في الآخرة. والخطاب فيهما للنبي صلىاللهعليهوسلم على الراجح والمراد به غيره ، كما في آية (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما)
وأما الثانية فخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم أيضا ، وهو المراد به ، وذلك أن امرأة ، بعثت صبيا إليه مرة بعد أخرى ، سألته قميصا ، ولم يكن عليه ولا له قميص غيره ، فنزعه ودفعه إليه ، فدخل وقت الصلاة فلم يخرج في الحين ، فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة ، فلاموه على ذلك ، فأنزل الله (فَتَقْعُدَ مَلُوماً) أي يلومك الناس (مَحْسُوراً) أي مكشوفا ، وقيل : مقطوعا عن الخروج إلى الجماعة.
١٢ ـ قوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما) الآية.