فائدة ذكر (عِنْدَكَ :) أنهما يكبران في بيته وكنفه ، ويكونان كلّا عليه ، لا كافل لهما غيره ، وربما ناله منهما من المشاق ، ما كان ينالهما منه في حال الصغر.
١٣ ـ قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) [الإسراء : ٣٢].
هو أعم من أن يقال : ولا تزنوا ليفيد النهي عن مقدمات الزنا ، كاللمس والقبلة بالمنطوق ، وعن الزنا بمفهوم الأولى.
١٤ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً) [الإسراء : ٤١].
قال ذلك هنا بحذف (لِلنَّاسِ) اكتفاء بذكره قبل ، بلفظ (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ.)
وقاله بعد بذكره ، ليتميز عن الجن ، لجريان ذكرهما معا قبل.
وقدم على (فِي هذَا الْقُرْآنِ) هنا في الآية الثانية ، اهتماما بالتمييز المذكور ، وبالناس لأنهم الأصل في التكليف ، ولهذا اقتصر عليهم في غالب الآيات كقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) وقوله : (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ) وقوله : (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ) [الإسراء : ١٨٥].
وعكس في الكهف لمناسبة قوله قبل : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً)
١٥ ـ قوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) [الإسراء : ٤٥] الآية.
ضمير (فِيهِنَ) عائد إلى السموات والأرض ، والتسبيح ـ وهو التنزيه ـ شامل للتسبيح بلسان المقال ، كما في المؤمنين ، وبلسان الحال كما في سائر الموجودات ، إذ كل موجود يدل على قدرته تعالى ، وفي ذلك جمع بيّن الحقيقة والمجاز ، وهو جائز عند الشافعي رضي الله عنه.
فإن قلت : يمنع من شموله للثاني قوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء : ٤٤]. لأنه مفقوه لنا.
قلت : الخطاب فيه للكفار ، وهم لم يفقهوا تسبيح الموجودات ، لأنهم أثبتوا لله