قلت : تركهما كما ترك محرّم الرضاع ، أو لفهمهما من بني الإخوان وبني الأخوات ، بالأولى أو بالمساواة.
والجواب ـ أنه لم يذكر من المستثنى ، إلا من اشترك هو وابنه في المحرميّة ، لأنّ من لم يشاركه ابنه فيها ، كالعمّ والخال ، قد يصف محرمه عن ابنه ، ، وهو ليس بمحرم لها ، فيفضي إلى الفتنة ـ نقض بأن إفضاء الفتنة ، يأتي في (آباءِ بُعُولَتِهِنَ) فقد يذكر أبو البعل ، محرمه عند ابنه الآخر ، وليس بمحرم لها.
٥ ـ قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) [النور : ٣٣] الآية.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن إكراههنّ على الزنى حرام وإن لم يردن التحصّن؟
قلت : الشرط هنا لا مفهوم له ، لخروجه مخرج الغالب من أنّ إكراههنّ إنما يكون مع إرادتهنّ التحصّن ، ولوروده على سبب ، وهو أن الجاهلية كانوا يكرهون إماءهم على الزنى ، مع إرادتهنّ التحصن ، أو أنّ" إن" بمعنى" إذ" كما في قوله تعالى : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ١٣٩].
٦ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ..) [النور : ٣٤].
قاله هنا بذكر الواو ، و (إِلَيْكُمْ) وقاله بعد بحذفها ، لأن اتصال ما هنا بما قبله أشدّ ؛ إذ قوله بعد : (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) مصروف إلى الجمل السابقة من قوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) إلى آخره ، وفيه معطوفان بالواو ، فناسب ذكرها العطف ، وذكر (إِلَيْكُمْ) ليفيد أن الآيات المبيّنات ، نزلت في المخاطبين في الجمل السّابقة ، وما ذكر بعد خال عن ذلك ، فناسبه الاستئناف والحذف.
٧ ـ قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) [النور : ٣٥] الآية ، أي مثل صفة نوره تعالى ، كصفة نور مشكاة فيها مصباح ، (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) هي القنديل ، والمصباح : الفتيلة الموقودة ، والمشكاة : الأنبوية في القنديل ، فصار المعنى : كمثل نور مصباح ، في مشكاة ، في زجاجة.
فإن قلت : لم مثّل الله نوره ـ أي معرفته ـ في قلب المؤمن ، بنور المصباح دون