نور الشمس ، مع أن نورها أتمّ؟
قلت : لأن المقصود تمثيل النور في القلب ، والقلب في الصدر ، والصّدر في البدن ، كالمصباح ، والمصباح في الزجاجة ، والزجاجة في القنديل.
وهذا التمثيل لا يستقيم إلا فيما ذكر ، ولأن نور المعرفة له آلات يتوقّف هو على اجتماعها ، كالذّهن ، والفهم ، والعقل ، واليقظة ، وغيرهم من الصفات الحميدة ، كما أنّ نور القنديل ، يتوقف على اجتماع القنديل ، والزيت ، والفتيلة وغيرها.
أو لأن نور الشمس يشرق متوجها إلى العالم السّفلي ، ونور المعرفة يشرق متوجها إلى العالم العلويّ ، كنور المصباح.
ولكثرة نفع الزيت وخلوصه عمّا يخالطه غالبا ، وقع التشبيه في نوره دون نور الشمس ، مع أنه أتمّ من نور المصباح.
٨ ـ قوله تعالى : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ) [النور : ٣٧].
إن قلت : لم عطف البيع على التجارة مع شمولها له؟
قلت : لأن التجارة هي : التصرّف في المال لقصد الربح ، والبيع أعمّ من ذلك ، فعطفه عليها لئلا يتوهم القصور على بيع التجارة.
أو أريد بالتجارة : الشراء لقصد الربح ، وبالبيع : البيع مطلقا.
٩ ـ قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ ..) [النور : ٤٥].
إن قلت : لم خصّ الدابة بالذّكر ، مع أن غيرها مثلها ، كما شمله قوله في الأنبياء : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.)
قلت : لأن القدرة فيها أظهر وأعجب منها في غيرها.
١٠ ـ قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) [النور : ٤٥].
فيه مجاز التغليب ، حيث استعمل (" مِنْ") وهي لمن يعقل في غيره ، لوقوعه تفصيلا لما يعمّهما وهو : (كُلَّ دَابَّةٍ.)
وفيه أيضا : مجاز التشبيه ، إذ إسناد ما ذكر إلى الحيّة ، زحف لا مشي ، لكنّه يشبهه في السّير.