وَمَصِيراً) [الفرقان : ١٥].
إن قلت : كيف قال في وصف الجنة ذلك ، مع أنها لم تكن حينئذ جزاء ومصيرا؟
قلت : إنما قال ذلك ، لأن ما وعد الله به ، فهو في تحقّقه كأنه قد كان. أو أنه كان في اللوح المحفوظ ، أنّ الجنة جزاؤهم ومصيرهم.
٦ ـ قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) [الفرقان : ٤٣].
إن قلت : لم أخّر (هَواهُ) مع أنه المفعول الأول؟
قلت : للعناية بتقديم الأول ، كقوله : علمت فاضلا زيدا.
٧ ـ قوله تعالى : (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً) [الأنعام : ٤٩].
ذكر الصفة مع أن الموصوف مؤنّث ، نظرا إلى معنى البلدة وهو المكان ، لا إلى لفظها ، والسرّ فيه تخفيف اللفظ.
وقدّم في الآية إحياء الأرض ، وسقي الأنعام ، على سقي الأناسيّ ، لأن حياة الأناسي بحياة أرضهم وأنعامهم ، فقدّم ما هو سبب حياتهم ومعاشهم ، ولأن سقي الأرض بماء المطر ، سابق في الوجود على سقي الأناسي.
٨ ـ قوله تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) [الفرقان : ٥٥] الآية ، قدّم ، النفع على الضّرّ ، موافقة لقوله قبل : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ.)
٩ ـ قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) [الفرقان : ٥٦] ، أي ما أسألكم على إبلاغ ما أنزل عليّ من أجر (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي إلى ثوابه (سَبِيلاً) أي فأنا أدلّه على ذلك ، فهو استثناء منقطع.
وأمّا الاستثناء في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] فمنسوخ بقوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) [سبأ : ٤٧] على ما روى ابن عباس رضي الله عنهما.