فذكرت" أن" لتكون جملة (أَنْ أَلْقِ عَصاكَ) معطوفة على جملة (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ.)
٥ ـ قوله تعالى : (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) [النمل : ١٠].
قال ذلك هنا ، وقال في القصص : (يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ) بزيادة (أَقْبِلْ) لأن ما هنا بني عليه كلام يناسبه وهو : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) فناسبه الحذف ، وما هناك لم يبن عليه شيء ، فناسبه زيادة (أَقْبِلْ) جبرا له ، وليكون في مقابلة (مُدْبِراً) أي أقبل آمنا غير مدبر ، ولا تخف.
٦ ـ قوله تعالى : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ..) [النمل : ١٠ ، ١١] الآية.
إن قلت : كيف وجه صحة الاستثناء فيه ، مع أن الأنبياء معصومون من المعاصي؟!
قلت : الاستثناء منقطع ، أي لكن من ظلم من غير الأنبياء فإنه يخاف ، فإن تاب وبدّل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ، أو متصل بحمل الظلم على ما يصدر من الأنبياء من ترك الأفضل ، أو" إلا" بمعنى" ولا" كما في قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا.)
وإنما خصّ المرسلين بالذّكر ، لأن الكلام في قصة موسى ـ وكان من المرسلين ـ وإلا فسائر الأنبياء كذلك ، وإن لم يكن بعضهم رسلا.
٧ ـ قوله تعالى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ..) [النمل : ١٢].
قاله هنا بلفظ (أَدْخِلْ) وفي القصص بلفظ (اسْلُكْ) لأن الإدخال أبلغ من السلوك ، لأن ماضيه أكثر حروفا من ماضي السلوك ، فناسب (أَدْخِلْ) كثرة الآيات ، في قوله : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ) أي معهما مرسلا إلى فرعون ، وناسب (اسْلُكْ) قلّتها ، وهي سلوك اليد ، وضمّ الجناح ، المعبّر عنهما بقوله : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ.)
٨ ـ قوله تعالى : (فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) [النمل : ١٢].