قاله هنا بلفظ (وَقَوْمِهِ) وفي القصص بلفظ (وَمَلَائِهِ) لأن الملأ أشراف القوم ، ولم يوصفوا ثمّ بما وصف به القوم هنا في قوله : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِها ..) الآية ، فناسب ذكر القوم هنا ، وذكر الملأ ثمّ.
٩ ـ قوله تعالى : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ..) [النمل : ١٦].
النّون نون الجمع ، عنى" سليمان" نفسه وأباه ، أو نون العظمة ، مراعاة لسياسة الملك ؛ لأنه كان ملكا مع كونه نبيا.
فإن قلت : كيف سوّى بينه في قوله : (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) وبين بلقيس في قول الهدهد : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؟!)
قلت : الفرق بينهما أنها أوتيت من كلّ شيء من أسباب الدنيا فقط ، لعطف ذلك على (تَمْلِكُهُمْ) وسليمان أوتي من كل شيء من أسباب الدين والدنيا ، لعطف ذلك على المعجزة وهي" منطق الطير".
١٠ ـ قوله تعالى : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [النمل : ٢١].
توعّد" سليمان" الهدهد بذلك ، مع أنه غير مكلّف ، بيانا لكونه خصّ بذلك ، كما خصّ بتعلّم منطقه.
١١ ـ قوله تعالى : (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) [النمل : ٢٨].
إن قلت : إذا تولّى عنهم كيف يعلم جوابهم؟!
قلت : معناه تولّ عنهم يسيرا حيث لا يرونك ، فانظر ماذا يرجعون؟
١٢ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [النمل : ٣٠].
قدم" سليمان" اسمه على اسم الله تعالى ، مع أن المناسب عكسه ، لأنه عرف أن" بلقيس" تعرف اسمه ، دون اسم الله تعالى ، فخاف أن تستخفّ باسم الله تعالى ، أوّل ما يقع نظرها عليه ، أو كان اسمه على عنوان الكتاب ، واسم الله في باطنه.
١٣ ـ قوله تعالى : (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ..) [النمل : ٤٠].