ولهذا لا يقال لعلم الله يقين.
٤ ـ قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ.)
فإن قلت : لم ذكر ذلك مع قوله قبل : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ؟)
قلت : لأنه ذكر هنا مع (هُدىً) فاعله ، بخلاف ثمّ.
٥ ـ قوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ.)
فإن قلت : لم حذفت الواو هنا ، وأثبتت في (يس؟)
قلت : لأن ما هنا جملة هي خبر عن اسم" إنّ" ، وما هنالك جملة عطفت على أخرى.
فإن قلت : ما فائدة بعثة الرسل بعد قوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) الآية.
قلت : لئلا يكون للناس حجة ، أو لأنّ الآية نزلت في قوم (لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) [يونس : ٩٧] فبعثة الرسل انتفع بها آخرون فآمنوا.
٦ ـ قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا.)
إن قلت : كيف قاله ، مع أن المخادعة إنما تتصوّر في حقّ من تخفى عليه الأمور ، ليتمّ الخداع من حيث لا يعلم ، ولا يخفى على الله شيء؟
قلت : المراد يخادعون رسول الله ، إذ معاملة الله معاملة رسوله ، كعكسه لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠] ، وقوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠] أو سمّى نفاقهم خداعا لشبهه بفعل المخادع.
٧ ـ قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)
إن قلت : كيف خصّ الفساد بالمنافقين ، مع أن غيرهم مفسد؟
قلت : المراد بالفساد : الفساد بالنفاق ، وهم كانوا مختصّين به.
٨ ـ قوله تعالى : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.)
إن قلت : الاستهزاء من باب العبث والسخرية ، وذلك قبيح على الله تعالى ومنزه عنه؟
قلت : سمّى جزاء الاستهزاء استهزاء مشاكلة (١) كقوله : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ
__________________
(١) المشاكلة هي : الاتفاق في اللفظ مع الاختلاف في المعنى.