مِثْلُها) [الشورى : ٤٠] والمعني أن الله يجازيهم جزاء استهزائهم.
٩ ـ قوله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ.)
إن قلت : ما فائدة قوله : (مِنَ السَّماءِ) مع أن الصيّب لا يكون إلا منها؟
قلت : فائدته أنه عرّف السماء ، وأضاف الصيّب إليها ، ليدلّ على أنه من جميع آفاق السّماء ، لا من أفق واحد ، إذ كلّ أفق يسمّى سماء. ونظير ذلك قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) [الأنعام : ٣٨].
١٠ ـ قوله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ.)
عبّر بالأصابع عن أناملها ، والمراد بعضها لأنهم إنما جعلوا بعض أناملها.
١١ ـ قوله تعالى : (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي : أنه لا أنداد له.
فإن قلت : المشركون لم يكونوا عالمين بذلك ، بل كانوا يعتقدون أنّ له أندادا؟
قلت : المراد : وأنتم تعلمون أن الأنداد لا تقدر على شيء مّما مرّ قبل ذلك ، أو وأنتم تعلمون أنه ليس في التوراة والإنجيل جواز اتخاذ الأنداد.
١٢ ـ قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ).
إن قلت : لم ذكرت (مِنْ) هنا ، وحذفت في سورتي يونس وهود؟.
قلت : لأن (مِنْ) هنا للتّبعيض ، أو للتّبيين ، أو زائدة على قول الأخفش ، بتقدير رجوع الضمير في" مثله" إلى" ما" في قوله : (مِمَّا أَنْزَلْنا) [يونس : ٩٤] وهو الأوجه.
والمعنى على الأخير : فأتوا بمماثلة للقرآن ، في البلاغة وحسن النّظم ، وعلى الأوّلين : فأتوا بمما هو على صفته في البلاغة ، وحسن النّظم ، وحينئذ فكأنه منه ، فحسن الإتيان ب (مِنْ) الدالة على ما ذكر.
بخلاف ذاك ، فإنه قد وصف السور بالافتراء ، صريحا في هود ، وإشارة في يونس ، فلم يحسن الإتيان ب (مِنْ) الدالّة على ما ذكر ، لأنها حينئذ تشعر بأنّ ما بعدها من جنس ما قبلها ، فيلزم أن يكون قرآنا وهو محال.
ويجوز جعل (مِنْ) للابتداء ، بتقدير رجوع الضمير في" مثله" إلى عبدنا أي : " محمد" ، والمعنى : فأتوا بمبتدأة من شخص مثل محمد.